على وقع استمرار العدوان على اليمن من جانب حلفاء الولايات المتحدة، بقيادة المملكة العربية السعودية، تتواصل المحادثات في الكويت بين الأطراف اليمنية، في ظل الأجواء المتناقضة التي تحمل حيناً "هبّة باردة" تفتح الأفق أمام حلّ منتظَر، وأحياناً "هبّات ساخنة" تكاد تطيح بكل ما يمكن أن يؤدي إلى رسم ملامح إيجابية.

من الواضح أن الفريق التابع للسعودية وصل إلى الجدار الأخير في المراوغة، بعد أن قدّم "أنصار الله" والمؤتمر الشعبي البراهين الدامغة على نيّتهم في التوصُّل إلى حلّ سياسي يوقف شلال الدم المستمر، فيما لا يتوانى الفريق الآخر عن تسعير الميدان مع كلّ تقدُّم في المحادثات، إن كان بشنّ غارات جوية تستهدف الأماكن الموجعة عند المدنيين، أو بشنّ هجمات برّية مدرّعة، على أمل تحقيق تقدُّم يتمّ صرفه في المفاوضات، إلا أن تلك الأهداف سرعان ما تتبدد مع الصمود الأسطوري للشعب اليمني وقواه المقاتلة على الجبهات التي أحبطت في الأيام العشرة الأخيرة أكثر من تسع هجمات في أكثر من منطقة كبّدت المهاجمين مئات القتلى وعشرات المدرّعات.

ومع ذلك، ما يزال "أنصار الله" و"المؤتمر الشعبي" يراهنون على احتمال حدوث انفراج في المحادثات مع تقديم قوائم الأسرى والمعتقَلين للتبادل قبل حلول شهر رمضان المبارك، رغم مماطلة الفريق الآخر في تقديم المتوجّب عليه أكثر من يومين، إلى أن خضع بعدها، لأن البلد المضيف للمفاوضات كاد أن يكشف أسباب العرقلة.

موفد الأمم المتحدة؛ إسماعيل ولد الشيخ أحمد، المنحاز في الأصل للفريق السعودي، أمل أن تشكّل عملية التبادل للأسرى والمعتقلين، بعد إبداء الطرفين ملاحظاتهما على البيانات المقدَّمة من الطرفين، خطوة إلى الأمام في مسار الحل السياسي المطلوب.

بات من الواضح أن مسار الحل في اليمن محكوم بخطوتين، هما:

1- التوافق على تشكيل حكومة وفاق وطني تدير المرحلة الانتقالية، وهو ما يتمّ التركيز عليه في المحادثات، من أجل تقريب وجهات النظر.

2- تشكيل لجنة عسكرية أمنية عليا، مع تحديد دورها في التوقيع على اتفاق السلام المنتظَر، على أن تتولى في المرحلة الأولى تأمين العاصمة أمنياً، وبعض المدن الأخرى.

إضافة إلى الخطوتين المذكورتين اللتين وضعت الأطراف المتحاورة بعض الأسس لهما، لاسيما اللجنة العسكرية الأمنية، فإن موضوع مؤسسة الرئاسة خلال الفترة الانتقالية أيضاً في صلب المحادثات بين الأطراف.

هناك من يرجّح التفاؤل على التشاؤم، لكن بحذر، لأن الحل ليس قريباً كما يخيَّل، وهذا النقاش لن يرسو على برّ قبل سنة من الآن؛ بانتظار نضوج ملفات أخرى، سيما أن الفريق السعودي مأزوم إلى درجة كبيرة، وباتت سمعته فاسدة على المستوى الوطني؛ مع ارتفاع نهج التطهير لأبناء الشمال، الذين يسكنون في عدن ولحج وغيرهما، وقد كشفت مصادر جنوبية لـ"الثبات"، أن الرئيس الفار عبد ربه منصور هادي اتخذ قرارات لتبرئة نفسه من الجرائم، تقضي بإقالة محافظي عدن ولحج والضالع، حيث تُرتكب عمليات التطهير، إضافة إلى إقالة قيادات عسكرية كبرى في المناطق الثلاث، لكنه يتحيّن الفرصة للإعلان عن ذلك، كي لا تحصل عمليات تمرُّد على القرارات، وقد تمّ إبلاغ هؤلاء بأن قوات التحالف ستتعامل مع أي شخص يمكن أن يعصي القرارات دون إبلاغهم أنهم المعنيون بالقرارات.

هذه الإرباكات ليست وحدها التي تفرض نفسها على المفاوضات، فهناك يقين بأن السعودية التي وظّفت عشرات مليارات الدولارات في الحرب على اليمن، ما تزال تكابر، ولن ترضى بالهزيمة، ولذلك فإن الايام المقبلة ربما تكون عصيبة عليها.