بات واضحاً منذ بداية أكذوبة "الربيع العربي"، أن بائع الكاز العربي الكبير، والكيان الصهيوني، لا يريدان للدول العربية غير الملكية، أن تهدأ، أو أن تستقر.

كانت البداية في تونس، ثم في ليبيا، ثم في مصر، واليمن، والجائزة الكبرى بالنسبة لهم كانت سورية. نجحت الخطة في تونس، وقاد الصهيوني برنار هنري ليفي الفتنة في ليبيا، وها هي الآن أمام مصير مجهول، لتندفع في مصر إلى مداها بوصول "الإخوان" إلى السلطة، لكن لم يستمروا عاماً واحداً، وما زال السباق على مصر محتدماً.

ليس عبثاً أن تعلن مملكة الكاز العربي الكبرى، في خضم هذه التطورات، عن توسعة مجلس مجلس التعاون الخليجي لتضم إليه المملكتين الآخريين في العالم العربي، وهما المملكة المغربية والمملكة الأردنية.

وإذا كان القرار الخليجي لم يُثر أي ترحيب منهما، فإن الدولتين مننتا نفسيهما بتدفّق أموال خليجية، تساعدهما على مواجهة الأعباء الاقتصادية، لكن في المحصلة تبيّن أن المطلوب منهما إشراك قواتهما المسلحة ومخابراتهما في معارك بائع الكاز الخليجي الكبير، في وقت أخذت دول مجلس التعاون نفسها تعيش في أزمات اقتصادية خانقة، جراء لعبة بائع الكاز الأكبر الخطيرة في أسواق النفط.

هذا الواقع جعل الرباط وعمّان تتعاملان مع إعلان توسيع مجلس التعاون وكأنه لم يكن، فبدأت الرسائل السعودية عبر "القاعدة" و"داعش" توجَّه في اشكال مختلفة، فالمغرب البعيدة نسبياً عن مسرح التطورات الدامية، وصلتها رسائل دامية متفرقة بين الفينة والأخرى، بناء لتوجيهات ملكية سعودية.

أما في الأردن، فقد وصلت مؤخراً رسالة داخلية عبر استهداف "داعش" مكتباً للمخابرات الأردنية على مدخل مخيم البقيعة الفلسطيني، في أول أيام شهر رمضان المبارك، فالعملية هنا هي إرهاب وتخريب مقصودين، هدفهما الفتنة بين الأردني والفلسطيني، ما يعني أن الهدف الأساسي من أهداف الارهاب التكفيري المدعوم أميركياً وصهيونياً وخليجياً هو تصفية القضية الفلسطينية نهائياً، لأنه ليس هناك أي سبب للجوء إلى فتنة مذهبية، علماً أنه قبل أقل من أربعة أشهر كان افتعال أحداث مخيم إربد، ما يعني أن من الأهداف الإرهابية للرجعية العربية والدولة العبرية والولايات المتحدة والغرب، هو تفكيك الأردن اجتماعياً وإنسانياً، وهذا لا يحصل إلا عبر الفتن التي تطل برأسها في الأردن بين الفينة والأخرى، في نفس الوقت الذي تتلقى عمّان الرسائل السعودية المشفرة أو الواضحة، كلما فكرت بالواقع الذي ينتظرها، وأرادت أن تهدئ من الاندفاعة ضد دمشق.

ومع التطورات الميدانية السورية التي يسجّل فيها الجيش السوري وحلفاؤه نجاحات كبرى، سجّل تحرك سعودي ضاغط في مختلف الاتجاهات عبر الأمم المتحدة، حيث مورست ضغوط كبرى من أجل التراجع عن قرار أممي بانتهاك آل سعود حقوق الطفل في اليمن، مع توسيع دائرة الاتصال مع الكيان الصهيوني، التي ترافقت مع تصريحات صهيونية تتعلق بجبهة الجولان، وضرورة مشاركة الدولة العبرية في الحرب العدوانية على سورية، وجاءت التصريحات العبرية والسعودية متطابقة، وإن كانت مرتبكة حول الوضع في سورية، والتي يبقى محتواها الأساسي الحؤول دون انتصار الرئيس بشار الأسد ونهوض الجيش السوري والدولة الوطنية السورية.

وهذا النهج العبري - السعودي كرّس بأشكال مختلفة التحالف المباشر والمكشوف مع المجموعات الإرهابية من "قاعدة" و"داعش" وأضرابهما، بالتعاون الوثيق مع الطوراني التركي رجب طيب أردوغان، الذي وقّع في عهده الكثير من الاتفاقيات الأمنية والاقتصادية مع تل أبيب، تفوق كل من سبقه على حكم تركيا حتى في الفترة التي كان يتقرب فيها من سورية.

ماذا يفعل حلف أعداء دمشق؟ ثمة تقارير للاستخبارات الصهيونية والأميركية ترجّح هزيمة الإرهاب بمختلف أشكاله، ولهذا فهذا الحلف يشعر أنه في سباق مع الزمن، ما يعني أن هذا الصيف سيكون حاراً أكثر من اللازم.