يُعتبَر التنسيق الروسي- ال​إيران​ي في الشرق الأوسط أمراً استراتيجياً وضرورياً بالنسبة الى البلدين خصوصاً وأنهما يواجهان العملاق الاميركي الذي يسعى الى بسط سيطرته على هذه المناطق، فمن يقرأ في أعماق الحرب السورية يدرك تماماً أنها تأتي في إطار الصراع الروسي- الاميركي في منطقة الشرق الأوسط.

بعد اسبوع من اعلان ​روسيا​ استخدام قاعدة "نوجه" في همدان الإيرانية لتوجيه ضربات للمسلحين في سوريا، قامت ايران بالتأكيد أن موسكو أوقفت استخدام هذه القاعدة دون تحديد الأسباب ما طرح علامات إستفهام حول الموضوع، فهل الاتفاق الروسي- الايراني تحوّل الى خلاف؟!

"الاتفاق بين روسيا وايران حول استخدام موسكو لقاعدة "نوجه" الايرانية لشنّ الضربات على المسلحين في سوريا كان سرياً ولم يكن علنياً، وروسيا أخلت بالاتفاق ونشرت صوراً لمقاتلاتها في القاعدة وهذا هو أحد الأسباب التي دفعت الى وقف الاتفاق". هذا ما يؤكده المحلل الإيراني حسن زاده، لافتاً الى أن "الدستور الايراني يمنع أيضاً وجود أي قوّة أجنبية على الاراضي الايرانية ونشر روسيا للصور كشف وجود هذه المقاتلات على أراضي ايران". لكنّ الباحث في العلاقات الدولية ​جمال واكيم​ يعتبر عبر "النشرة" أن "ما حصل بين روسيا وايران مختلف تماماً إذ إن روسيا تتبع ومنذ مدّة استراتيجية الضربات الخاطفة"، لافتاً الى أن "روسيا انزلت قواتها في قاعدة "نوجه" الايرانية من أجل مهمة معيّنة وعندما حققت الهدف سحبت قواتها منها"، شارحاً في نفس الوقت أنّ "إيران تاريخياً لديها حساسية من روسيا خصوصاً وأنه ومنذ أربعينيات القرن الماضي كان مخطط الأخيرة أن تنتزع شمال إيران وتحديداً منطقة همدان"، مضيفاً: "سماح ايران لروسيا باستخدام قواعدها يثبت العلاقات ويؤكد على عمق متانتها".

بدوره، لا يرى حسن زاده أن "نشر هذه الصور يمكن أن يمر مرور الكرام إذ إن روسيا أرادت ومن خلال ما قامت به أن تحرج إيران التي تتحمّل الضغط العربي لوقوفها الى جانب موسكو"، ولكنه يعود ليؤكد أن "التعاون الروسي- الايراني لضرب المجموعات الإرهابية دائم"، مشيراً في نفس الوقت الى أن "ايران وبعد انتشار الخبر واجهت ضغوطات داخلية من التيارات الاصولية على الحكومة والرئيس الإيراني حسن روحاني لا يريد نشوء خلافات داخلية في هذه الفترة الانتخابية". إلا أنّ واكيم لا ينظر الى المسألة بنفس الطريقة، إذ يعتبر أن "التيار الذي يديره مرشد الثورة الإسلامية في إيران السيد علي الخامنئي له الكلمة الفصل في ايران، وهذا التيار راض عن التقارب الروسي الايراني، وبالتالي فإن أي أصوات أخرى تعلو في هذا المجال لن يكون لها نفس التأثير الذي لدى الخامنئي"، مشيراً الى أن "لدى الولايات المتحدة رهانًا آخر في هذا الخصوص وخصوصاً بعد الاتفاق النووي الايراني وهو يقتصر على نسج المجتمع الايراني للعلاقات مع الغرب والابتعاد عن روسيا والصين".

مرّت مسألة ايقاف استخدام روسيا للقاعدة في همدان الايرانية، ولكنّها تترك تساؤلات حول المآل الذي ستأخذه العلاقات بين روسيا وإيران في المرحلة المقبلة، وإن حرص الجانبان على القول أنّها لن تتأثر من قريب أو من بعيد...