في الثالث والعشرين من آب 2013، اهتزّت ​مدينة طرابلس​، واهتزّ معها لبنان بأسره، إثر تفجيرين إرهابيّين استهدفا مسجدي التقوى والسلام فيها بعيد صلاة الجمعة، ما أسفر عن سقوط أكثر من 45 شهيداً و500 جريح.

وبعد مرور ثلاث سنوات على "المجزرة"، لا يزال الجرح نازفاً والقضية مفتوحة، هي التي حضرت بقوة على وسائل التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية، ليتصدّر سؤالٌ واحدٌ كلّ ما عداه، فأين أصبح هذا الملف، ومن يغطي المتهمين ويحميهم من المحاسبة؟

هكذا، لم يشفِ وزير الداخلية ​نهاد المشنوق​ الذي حطّ في طرابلس في الذكرى غليل أهالي المدينة، ولا فعل وزير العدل المستقيل ​أشرف ريفي​ الذي لطالما قدّم الوعود بالمضيّ في القضية حتى النهاية، فـ"الكلام انتهى"، بحسب صفا خلف، الذي لفت إلى أنّهم منذ ثلاث سنوات، يسمعون الكلام ويبكون كلما رأوا صورة عن الجريمة كأنّهم يرونها للمرّة الأولى، مشدّداً على أنّ المطلوب هو محاسبة المجرمين، "وقد شبعنا الكلام والتصريحات".

وفي حين رأى طارق أبو صالح أنّه من الصعب جداً على المرء أن يدفن ابنه تحت التراب ويرى قاتله حراً طليقاً، على حدّ تعبيره، تساءل جميل عيتاني عن دور دار الفتوى، ودور ابن طرابلس وزير العدل في سوق المجرمين الى قوس العدالة، مردفاً: "ماذا لو قرر اهل طرابلس ان ينشئوا حماة الديار اسوة باهل القاع؟ هل سيتم تصنيفهم ارهابيين؟"

ولأنّها ترفض أن يتحوّل النهار لمجرّد ذكرى، اعتبرت ليندا أنّ المحاسبة واجبة، "فهؤلاء الشهداء الذي سقطوا ليسوا سياسيين ولا أولاد سياسيين، وكلّ ذنبهم أنّهم كانوا يصلّون فاستشهدوا"، معتبرة أنّ "حقّهم برقبة الدولة"، الأمر الذي أيّدتها فيه ساجدة ميقاتي، التي أكّدت أنّ أهالي طرابلس لن يسكتوا عن حقهم بمحاسبة المجرمين الذين استباحوا مساجدهم، فيما أكّدت فاطمة عيد أنّ طرابلس لن تنعم بالسلام والمجرم حر طليق، كما قالت.

وفيما سأل شادي ضاهر عن "حقوق الذين ماتوا"، استهجن فادي غانم ما أسماها بـ"التجارة الموسميّة" التي تتكرّر في الذكرى كلّ عام، موقفٌ اتفقت منال حموي معه فيه، هي التي شدّدت على أنّ طرابلس، التي وصفتها بمدينة العيش المشترك، ليست ولن تكون صندوق بريد لأحد.

وبعيدًا عن المحاسبة المطلوبة، عاد أهالي طرابلس بالذاكرة إلى ذلك اليوم المشؤوم، فترحّموا على الشهداء الذين سقطوا بلا ذنب، واستعادوا ذلك المشهد المروّع الذي شاهدوه بأمّ العين، والذي لم يغب عن بالهم أصلاً خلال السنوات الثلاث. وفيما قال أحد الناشطين أنّه لا ينسى مشهد الدماء التي كانت تسيل من أحد الأطفال في مسرح الجريمة، وجدت وفاء قانصو أنّه من الصعب بمكان وصف الصورة التي كانت شاهدة عليها، من الجثث المرميّة على أبواب المستشفيات، والدمار الذي عمّ مدينة الفيحاء.

وانطلاقاً من هذه الزاوية، وجدها العديد من رواد وسائل التواصل فرصة من أجل التأكيد على قيمة وأهمية مدينة طرابلس، التي أثبتت أنّها "تقوى وسلام حتى في التفجير"، كما قالت فرح صادق، والتي ستبقى دائماً أقوى من الظلم الذي تواجهه، كما رأى صفا خلف، في حين اعتبر محي الدين أنّ "طرابلس علمت اللبنانيين كيف يتم ضبط النفس والضغط على الجراح؛ ولم تسجل أي حالات انتقام أو ظهور مسلح"، لافتاً إلى أنّها، ورغم أنّها كانت تعيش حالة فوضى، شيّعت الشهداء بتقوى وسلام.

وإذا كان طارق طراد وجد الحلّ العادل، برأيه، عندما طالب بـ"تعليق المشانق"، فإنّ كارول عيسى وحدها غرّدت خارج السرب، حين ذكّرت بأنّ منطقة جبل محسن، التي تحوّلت عند البعض لـ"متّهَمة"، عانت الأمرّين هي الأخرى، هي التي هزّها انفجاران أيضاً، وضاع التحقيق...