تقود "جمعية الوفاق" حركة الاحتجاج الشعبي في البحرين ضد النظام منذ فبراير من العام 2011، وبطريقة سلمية، وهي ما تزال تحافظ على سلمية هذا التحرك حتى هذه اللحظة، رغم التعاطي السلبي للدولة مع هذا الحراك الشعبي، ومن دون أن تصغي إلى مطالبه أوتحاوره، بل تعمد إلى استعمال العنف ضده، ما أدى إلى استشهاد العديد من المواطنين الأبرياء واعتقال بعضهم، وبلغ بها الامر التجرؤعلى العلماء وسحب الجنسية من بعضهم، وعلى رأسهم الشيخ عيسى قاسم، وحلّ "جمعية الوفاق" بذريعة الإرهاب، ومعروف عنها أنها لم تقم بأي عمل يسيء إلى أمن الدولة أو يهدد كيانها.

جُلّ ما كتبته وسائل الإعلام العربية عن هذا الحراك الشعبي يتمحور حول أنه "مؤامرة إيرانية، بأدوات بحرينية" تحضّر للاستيلاء على البحرين، والإيهام بأن الصراع فيه مذهبي، وأن الشيعة يريدون أن تكون لهم اليد الطولى في الحكم البحريني.

إذا ما أردنا أن ندخل إلى حقيقة ما يعاني منه الشعب البحريني، علينا أن نتعرّف إلى مطالبه، والتي يمكن تلخيصها بالآتي:

1- تشكيل لجنة حوار من السلطة والمعارضة للتفاهم على:

أ‌- مجلس تأسيسي يكتب دستوراً جديداً للبلاد، يلبّي طموحات وآمال شعب البحرين بكل أطيافه، وفي ذلك احتكام لإرادة الشعب.

ب‌- مجلس تشريعي منتخَب من خلال نظام انتخابي عادل يمثّل إرادة الشعب، ويكون كامل الصلاحيات من تشريعية ورقابية لا ينازعه أحد فيها.

ت‌- حكومة "سلطة تنفيذية" منتخَبة تمثّل إرادة الشعب.

2- معالجة مشكلة التجنيس التي تستعملها الدولة بطريقة تعسفية، مستفيدة من نص قانون الجنسية في البحرين يعود لسنة 1963، والذي يفيد بـ"إمكانية الحصول على الجنسية البحرينية بعد الإقامة في البلد مدة 15 عاماً بالنسبة للعرب، و25 سنة لغير العرب"، ويعطي "الملك حق منح الجنسية لمن يأمر عظمته بمنحها له"، وذلك لتغيير الوضع السكاني في البحرين، حيث إن الغالبية هم من الشيعة، ولذا يجنّس النظام الأجانب، وبأعداد كبيرة، الأمر الذي يُحدث تغييراً ديمغرافياً في البلاد على حساب وحقوق السكان الأصليين (في تقرير لجهاز المركزي معلومات عن وجود زيادة بأعداد السكان أكثر من 30 ألف مواطن بين عامَي 2010 و2011)، فعلى سبيل المثال، في الموضوع الإسكاني هناك 350 ألفاً و130 طلباً إسكانياً مسجلاً لدى وزارة الإسكان، وحتى الآن لم يرَ المواطن الأصلي منها شيء، فيما تؤمَّن التسهيلات كافة للمجنَّسين؛ من سكن إلى وظائف في الدولة، وغيرها.

3- أعمال الشغب التي يقوم بها هؤلاء المجنسون ضد المواطنين.

ورغم ذلك كله فإن السلطة تتجاوز حقوق الناس وتعمل على قمعهم بالقوة وتتهمهم بالعمالة لإيران، علماً أن السيد الخامنئي نفى تدخُّله في البلاد، فإيران تحرص على استقرار البحرين، وهي لا تريد أن تذهب الأمور فيه إلى حروب مسلَّحة كليبيا وسورية، وتسعى دائماً لتسوية الأوضاع فيه بطريقة سلمية، من خلال تشجيع الحوار بين المعارضة والسلطة، وتحاول تقريب وجهات النظر بينهما، خصوصاً أن المعارضة متمسكة بالحراك السلمي، لكن السلطة ومن ورائها السعودية تتعاطيان مع الأمر بطريقة مذهبية وحاقدة، وتحاولان تجييش العالم العربي والإسلامي ضدهم وضد إيران تحت العنوان المذهبي، علماً أن إيران كانت أول من بادر إلى فتح العلاقات مع السعودية، فقد أسّس لها الشيخ رفسنجاني ودعاها إلى التعاون الوثيق في المجالات العلمية والأمنية والاقتصادية، لكن السعودية ومعها بعض أمراء الخليج العربي انزلقوا - مع الأسف - مع المشروع الأميركي - "الإسرائيلي"، واتفقوا معه على محاربة إيران باعتبارها العدو المشترك وكل من يتفق معها في مشروع الوحدة الإسلامية وخط الممانعة الذي يتبنى دعم قضية فلسطين ويعمل على إزالة "إسرائيل".

على ماذا يراهن حكام البحرين؟ ألم يلتفتوا إلى تحذير الامام الخامنئي من مغبة تحويل الخلاف السياسي إلى حرب داخلية في بلدهم؟