بقدر ما تبدو المعركة الإنتخابية الرئاسية حادّة، فإنّ الإجماع على رئاسة العماد ميشال عون ليس بعيداً أو مستحيلاً. فالمساعي البعيدة عن الأضواء التي تحدثنا عنها هنا قبل أيام قصيرة مازالت تمضي في خطى ثابتة. وهي مساع يقوم بها حزب اللّه ولم تنقطع بسفر الرئيس نبيه بري الى الخارج في مهمة رسمية، إنما استمرت إن مباشرة مع رئيس المجلس أو بالوساطة مع معاونه السياسي وزير المال والموازنة علي حسن خليل، وربما مع آخرين أيضاً.

إلاّ أنّ لهذه المساعي مساراً آخر وهو مع المرشح الرئاسي الثاني النائب سليمان فرنجية الذي يُعتبر ترشيحه جدياً مهما كانت النتائج. والإنصاف يقتضينا الإقرار بأننا لا نملك معلومات أكيدة حول مسار هذه المساعي على جبهة رئيس تيار المردة... ولكننا واثقون من أنها إما هي جارية جدياً أو إنها ستُجرى جدياً. فثمة حرص من سماحة أمين عام حزب اللّه السيّد نصراللّه على الآتي:

أولاً - إن مسيرة العماد ميشال عون يجب أن تكلّل بوصوله الى رئاسة الجمهورية. والحزب وضع هذا الخيار أمامه منذ العام 2008، الى أن بلغ حظوظه الإيجابية في الأيام الأخيرة.

ثانياً - إن القول إن وراء هذا القرار الصارم من سماحة السيّد حسن نصراللّه مجرّد الوفاء ومبادلة مواقف قائد التيار الوطني الحر وزعيمه المزمن وحسب هو غير دقيق... صحيح إن هذا الوفاء له دور في القرار، ولكن هذا الأمر ليس وحده ما يتحكم بالقرار. بل هناك واقع سياسي كبير يجعل حزب اللّه في مصلحة وحاجة الى الحلف مع العماد عون قدر ما للجنرال من مصلحة وحاجة الى الحزب. فالتغطية المسيحية الكبرى التي وفرها عون لحزب اللّه لا يزال الحزب في حاجة ماسة لها.

وهنا ثمة توافق وإقرار مشترك بأنه ليس على الساحة المسيحية من يستطيع تقديم هذه «الخدمة»للحزب بالحجم والفاعلية التي يوفرها الجنرال.

ثالثاً - ثمة حرص كبير من سماحة السيّد حسن نصراللّه على ثبات الثنائية الشيعية التي لها ركنان وحيدان لا غير: حركة أمل وحزب اللّه، واستطراداً السيّد حسن نصراللّه والرئيس نبيه بري.

رابعاً - وفي تقدير حزب اللّه إن أي خلاف (جدي) بين العماد عون والرئيس نبيه بري من شأنه أن يترك تداعيات ذات شأن وأهمية على الحزب في اللحظة الإقليمية الحرجة حيث ينخرط الحزب في المواجهات الشرسة في غير بلد من بلدان المنطقة، وبالذات في سوريا (…)

خامساً - يلحظ سماحة السيّد، كما تناهى إلينا، دوراً بارزاً للوزير سليمان فرنجية في هذه السيبة. لذلك فإنه سيعمل جاهداً ليكون تيار المردة (أو ليبقى) ركناً فاعلاً في السيبة التي تدعم المقاومة (ظالمة أو مظلومة)… وفي المعلومات ان فرنجية لن يكون بعيداً عن هذا الفهم لمسار الأمور.

سادساً - يكتشف حزب اللّه مجدداً، ما يدركه سلفاً، وهو أنّ الأطراف السنية التي هاجمت (وثار بعضها على) قرار الرئيس سعد الحريري دعم ترشح العماد عون، إنما هي لا تحارب عون أو تقف في وجهه من أجله شخصياً، إنما لما يتجاوز الجنرال الى حلفه في الداخل والى امتداد هذا الحلف في الخارج... فالذين يحملون على عون في طرابلس كانوا (حتى موعد إعلان الحريري دعم عون) يعلنون نهاراً جهاراً انهم لن يقترعوا لسليمان فرنجية... لماذا؟ للسبب ذاته الذي يعارضون عون اليوم.

لهذا التحليل، ولسواه أيضاً مما لا تستوعبه هذه العجالة، يعمل حزب اللّه بقيادة أمينه العام سماحة السيد حسن نصراللّه، على تحقيق تسوية لتوفير الإجماع حول الجنرال بمشاركة بري وفرنجية... باستثناء بضعة أصوات لا تقدم أو تؤخر، ولا يُحسب لأصحابها حساب.