شهدت الأسابيع الماضية توتراً على مواقع التواصل الاجتماعي بين جماهير حركة "أمل" و"حزب الله"، كادت تؤدي الى اندلاع أزمة مفتوحة على صفحات "فايسبوك" و"تويتر" بعد تبنّي الحزب لترشيح رئيس تكتّل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون ودعم الحركة لرئيس تيّار "المردة" النائب سليمان فرنجية. لم يكن هذا التوتر يعبّر عما يجري بين القيادتين. فهما ينسّقان بشكل متواصل لا ينقطع، سواء على مستوى رئاسة الحركة والأمانة العامة للحزب، أو بين قيادات المناطق والبلدات والقرى والمكاتب التربوية والشبابية والمهنيّة. لكن حماسة الشباب بالإتّجاهين والإنحياز العاطفي لوصول عون أو فرنجية الى الرئاسة الاولى، دفع هؤلاء الى التعبير ضمن ردّات فعل غير مدروسة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

قيادات الطرفين توحي بواقع مغاير تماماً. فرئيس مجلس النواب نبيه بري لا يتردد لحظة في الردّ على أي حديث عن توتّر مع الحزب بالقول: "روحوا خيّطوا بغير هالمسلة". هو لا يتهاون أبداً في التعامل بقسوة مع أي خروج عن التحالف المتين مع الحزب مهما كان حجمه. أمّا الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله فلا يفوّت مناسبة إلاّ ويكرر فيها عمق وأبعاد هذا التحالف الاستراتيجي، وفي حال وجود تباين كما حصل في مسألة ترشيح عون، يحلّ "التفهم والتفاهم بين الطرفين".

التنسيق بين "الاستاذ" و"السيد" يتعدّى ذلك ليؤكد وجود تلك العلاقة الخاصة التي تحدث عنها نصرالله.

منذ ايام سأل الأمين العام للحزب رئيس المجلس عمّا إذا كان بإمكانه التحدث في خطابه للبقاعيين بإسم قيادتي الحركة والحزب. ردّ بري فوراً: بالطبع يا سيّد، على أنْ يكون الاستناد الى ما قاله وأرساه الإمام السيد موسى الصدر في هذا الشأن. وهذا ما حصل في خطاب توجّه به نصرالله الى البقاعيين. وحين بادر حركيّون الى سؤال رئيسهم عن كيفية التعامل مع كلمة نصرالله، طالبهم بالتعاون الكامل مع الحزب لتحقيق تلك الغايات التي أيّدها رئيس المجلس بالكامل، وأشاد أمام زوّاره بما تضمّنته كلمة نصرالله.

لا يقف هذا التعاون عند هذه الحدود. وإذا كان الحزب تباين مع الحركة بشأن ترشيح "الجنرال". بدا أن للإثنين مبرّراتهم التي تفهّمها الفريقان. لكن التعاون الوثيق سيكون في التعاطي مع الملفّ الحكومي وقانون الإنتخاب. بمعنى أنّ "الجهاد الأكبر" الذي أشار اليه برّي سيكون مشتركاً جنباً الى جنب. فلا الحزب يريد الدخول في حكومة من دون الحركة، ولا الحركة بوارد التخلّي عن التنسيق مع قيادة الحزب. هذا ما يؤكده الفريقان اللذان دأبا في الساعات الماضية على تصويب النقاش الحاصل جماهيريا على مواقع التواصل الاجتماعي، ومنع أيّ توتّر. فلا مصلحة للحزب أو للحركة بحصول اشتباك كلامي ينخرط فيه احياناً طلاّب وشباب وإعلاميّون على شبكاتهم الافتراضية.

وهذا ما لن تسمح قيادتا الفريقين بترجمته على أرض الواقع، لأنه "يعني المسّ بالخطوط الحُمر التي رسمتها الحركة والحزب حول العلاقة الأبدية بينهما". وغدا سوف يُدرك هذا الجمهور والمؤيّدون أنّ حركة "أمل" و"حزب الله" يسيران في درب "جهاد سياسي أكبر مشترك" كما يقول قياديّون في الفريقين، مستندين الى روابط وعلاقة معمّدة بالدم والالتزام. وهم يطالبون الجماهير المنفعلة أن "تضبط ردّات الفعل، وألاّ تسمح بتحقيق ما عجزت عنه اسرائيل وعملاؤها".