يصح في الوضع الحكومي أنه في مناخ متقلّب «هبة حارة هبّة باردة». حتى الأطراف التي تعرقل التشكيل تنهي أي كلام تصعيدي يصدر عنها بـ«اللافتتين» الآتيتين: لابدّ من التوصل إلى حل قبل الأعياد» قبلاً كانوا يقولون «قبل الإستقلال»، والثانية: «العرقلة ليست عندنا بل عند سوانا».

بداية يجب الإعتراف بأنّ الوقت الذي انقضى على التكليف لا يزال ضمن «المعقول». فالشهر إلاّ بضعة أيام على التأليف ليس «زماناً» طويلاً. وكما قلنا غير مرّة حتى في الأيام الطبيعية (يوم كانت أيامنا اللبنانية طبيعية) كان التأليف يستغرق شهراً وربما أكثر. إلا أن للقلق وجوهاً، منها الآتي:

1 - جاء الرئيس العماد ميشال عون مدعوماً بدفع شعبي كبير. ناهيك بالأطراف «الكبرى» التي دعمت ترشحه: حزب التيار الوطني الحر، حزب اللّه، حزب القوات اللبنانية وطبعاً حزب تيار المستقبل. وبالتالي فمن المستغرب أن يقوم في وجه الحكومة الأولى هذا الكم الكبير من العقبات.

2- في الأيام الطبيعية لم يكن ثمة فراغ يسبق ولادة العهد الجديد ويسبق ولادة الحكومة الأولى. وبالتالي فإن استمرار الشلل في السلطة التنفيذية تترتب عليه نتائج وخيمة.

3- إنّ قوى فاعلة دعمت ترشح الرئيس عون بدت، منذ إعلان دعمها، وكأنها تريد ولا تريد. فلا هي قامت «بالمونة» على حلفائها لتسهيل الإنتخاب، ولا هي تساعد اليوم في تذليل العقبات.

4- ... والعكس صحيح، فإن هذه القوى المشار اليها أعلاه إتخذت قراراً ثبت أنه أسهم إسهاماً كبيراً في تمكين المعرقلين من الإيغال في العرقلة.

5- أمّا السؤال عن «أين الوفاء يا جبران؟» فمردود الى طارحيه. ذلك ان الوفاء مطلوب من الذين التزم بهم باسيل في المحافل العربية والدولية لدرجة كادت تتسبب (ولعلها تسبّبت فعلاً) بنوع من العزل له ولمن وراءه وقد أصبح اليوم رئيساً للجمهورية! ولا ضرورة للإسهاب في شرح هذه النقطة.

6 - إنّ المرشح الرئاسي البارز والطبيعي والمستحق الوزير ​سليمان فرنجية​ طالب أولاً بحقيبة وزارة الأشغال ثم أضاف اليها حقيبتين ليشغل وزير تيار المردة إحدى تلك الحقائب الثلاث. فالرئيس نبيه بري الحريص على زعيم المردة لماذا تمسك (ويتمسّك) بالأشغال؟.. وإذا كان حريصاً على حليفه الى هذا الحدّ المعلن، فلماذا لا يتخلّى له عن حقيبة الأشغال؟!.

7 - في إجماع الرأي أنّ رئيس الجمهورية كائناً من يكون هو أب كل اللبنانيين وبالتالي لا يمكنه أن يكون فريقاً كما كان قبل إعتلائه السدّة الرئاسية. وهذه الحقيقة يعرفها الجميع... وعليه فإنّ المطالب - العراقيل الهدف منها المكاسب والمصالح، وليس أي شيء آخر. وفي هذه النقطة كم يكون مهماً لو تنجلي حقيقة موقف حزب اللّه في المباشر وليس عبر «تحليلات» تُنسب حتى الى سماحة الأمين العام السيد حسن نصراللّه شخصياً. ونحن نعرف، كما جميع اللبنانيين ان فخامة الرئيس العماد ميشال عون لن يتنكّر بأي حال من الأحوال الى العلاقة المحكمة بينه وبين سماحة السيّد، مهما حاول البعض زرع بذور الشكوك.

فلترتفع الأصوات، ولتكثر العراقيل، ولتتضاعف المطالب... فلا بدّ أن يأتي الفرج في غد غير بعيد. وتتشكل حكومة تضم الأطياف قاطبة، لتنطلق عجلة البلاد بعد طول جمود.