في ظل انشغال لبنان بالحديث عن البيان الوزاري، والتحضيرات لما بعده من أجل أن تأخذ الحكومة الثقة في المجلس النيابي، لم تتوقّف الزيارات الرسميّة منذ انتخاب العماد ميشال عون رئيسًا للجمهوريّة دعمًا وتعاضدًا للعهد الجديد.

وفي هذا السياق، وصفت مصادر دبلوماسية غربيّة زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت الى بيروت، بانها زيارة استطلاعية على أساس أن الحزب الحاكم حاليا لا يستطيع ان يلتزم بأي شيء تجاه لبنان، ولانه لم يعد يفصل فرنسا عن الانتخابات سوى حوالي خمسة اشهر مع احتمال مرجح لان تتبدل الادارة الاشتراكية.

واشارت الى انه رغم هذا الواقع لم يكن في استطاعة حكومة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أن تكون غائبة عن آخر التطورات في المنطقة، خصوصًا بعد عودة الحياة السياسية الى لبنان وانتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة العهد الاولى.

واضافت المصادر ان لقاءات الوزير الفرنسي مع رؤساء الجمهوريّة العماد ميشال عون والمجلس النيابي نبيه بري والحكومة ​سعد الحريري​ تناولت آخر التطورات في المنطقة، وخاصة الازمة السورية وازمة النازحين السوريين في لبنان.

وكشفت المصادر لـ"النشرة" ان ايرولت شدّد على التزام فرنسا تجاه لبنان على المستويات كافة، وحرصها على ألاّ تؤثر الحرب في سوريا سلبا على الاوضاع فيه، في هذه الظروف الصعبة والشائكة، وهو أكد ان باريس ستقف الى جانبه نظرا لما لهذا البلد من مكانة خاصة لدى الحكومة الفرنسية والشعب الفرنسي.

ولفتت المصادر ان الضيف الفرنسي استفسر عن العلاقة بين لبنان ودول الخليج العربي وخاصة المملكة العربية السعودية، وكشف في لقاءاته الى انه سيزور الرياض الشهر المقبل، وان لبنان سيكون في صلب محادثاته مع كبار المسؤولين في المملكة، معربًا عن قناعته بأن الرياض ما زالت في أجواء دعم لبنان وبالتحديد تسليح الجيش اللبناني.

وكان وزير خارجية فرنسا متفهّمًا للمصاعب التي يعانيها لبنان من الأعداد الضخمة للنازحين السوريين الموجودين على أراضيه، مؤكدا على ضرورة عودتهم الى بلادهم عندما تسمح الظروف الأمنية بذلك.

ولاحظت المصادر، انه كان لافتا اهتمام ايرولت بالعلاقات اللبنانية-الإيرانية، وما اذا كان هناك زيارات لمسؤولين لبنانيين لطهران بعد معاودة المؤسسات الدستورية عملها.

واشار الوزير الفرنسي الى ان لبنان اجتاز مرحلة مهمّة في الاتجاه الصحيح وان انتخاب الرئيس ميشال عون وضع البلاد في الاتجاه الصحيح متمنيا ان يبقى بعيدا عن المخاطر التي تحيط به.

وأكدت المصادر ان الجانب اللبناني ابلغ ايروليت حرص لبنان على إقامة أحسن العلاقات مع الدول العربيّة وخاصة دول الخليج العربي، وان هناك زيارات محتملة قريبة لكبار المسؤولين اللبنانيين الى المملكة العربية السعوديّة ودولة قطر، وربما تتبعها زيارة الى ايران.

وشدّد المسؤولون اللبنانيون حسب المصادر نفسها، على ضرورة عودة النازحين السوريين الى بلادهم لوجود مناطق كثيرة آمنة يمكن ان يعودوا اليها، وان لبنان لم يعد بمقدوره ان يتحمل هذا الكمّ الكبير، لاسيما وان قسما كبيرا منهم يذهب الى سوريا ثم يعود الى لبنان مما يعزز وجهة نظر لبنان بأن مناطق عدة من سوريا اصبحت آمنة وبالتالي فإن عودتهم لن تعرضهم للاخطار كما تدّعي بعض الجهات الدولية.

واشارت المصادر الى أن رئيس الجمهورية ميشال عون أبلغ الضيف الفرنسي انه حريص على تعزيز العلاقات اللبنانية-الفرنسية وتطويرها في المجالات كافة، لافتا الى انه سيلبي الدعوة الرسميّة التي تلقاها لزيارة فرنسا، بعد زيارات ينوي القيام بها الى عدد من الدول العربيّة.

وخلص رئيس الجمهوريّة الى القول بأن لبنان بدأ مرحلة جديدة من التعافي وان ورشة النهوض في الميادين كافة ستبدأ بعد نيل الحكومة ثقة المجلس النيابي.