منذ تشرين الثاني الماضي أصبح على رأس السلطات الرئيس السابق لـ"التيار الوطني الحر" العماد ميشال عون بعد أن بات رئيساً للجمهورية. يومها إعتبر الجميع أن قوّته ومشاكسته ستذوبان على مائدة السلطة والتسويات السياسية... واليوم يخوض الرئيس وتياره معاً معركة اقرار قانون إنتخابي جديد، في اسلوب توقّع الجميع أن يكون "ليّناً" فكانت المفاجأة في تهديد "التيار" بالعودة الى الشارع رفضاً لقانون الستين، وقد ترافق هذا الموقف مع خطاب لعون أمام السلك الدبلوماسي استعاض فيه عن الكلام بالسياسة الخارجية برسالة للداخل ومفادها أنه مع إقرار قانون جديد للانتخابات.

في مواقف عون و"التيار الوطني الحر" تكامل واضح، خصوصاً وأن الأجواء الراهنة مؤاتية لتغيير على صعيد قانون إنتخابي مع إعلان مجمل الجهات بإستثناء الرفض المبطّن لتيّار "المستقبل" والرفض الكامل لـ"اللقاء الديمقراطي". ولكن وبحسب الكاتب والمحلل السياسي وسيم بزي فإن "مجموعة تطورات حصلت خلال هذا الأسبوع أعادت خلط الأوراق وضربت في الصميم الكلام عن أن قانون الستين هو المنتصر، وأبرزها كان كلام عون أمام السلك الدبلوماسي عن قانون الإنتخاب وكلام رئيس اليتار "الوطني الحر" ووزير الخارجيّة جبران باسيل بعد إجتماع تكتل "التغيير والاصلاح" وأعلن فيه إنه إما الستين أو اتفاق الطائف".

يتطرق بزي أيضا في سياق كلامه الى "مبادرة رئيس المجلس النيابي نبيه بري واتصاله بالرئيس عون لتهنئته على كلامه أمام السلك الدبلوماسي، والمعلومات عن أن الحوار الأخير بين "حزب الله" و"المستقبل" تطرق الى مسألة الدوائر الإنتخابية كذلك الجلسة التشريعيّة الهادئة، والتي توجت بإشادة عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" نواف الموسوي بكلام رئيس الحكومة سعد الحريري، كلها تؤشّر الى أننا أمام شهر حاسم لإنتاج قانون إنتخابي جديد". ولكن يرى الكاتب والمحلل السياسي خليل فليحان عبر "النشرة" أن "المشكلة الكبرى تبقى لدى رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب ​وليد جنبلاط​ الذي يريد قانون الستين ربما معدلاً، فهل يكون جنبلاط المعرقل؟!"، ومضيفاً: "جنبلاط كان في السابق يعتبر "بيضة القبان" أما حالياً فنشهد تحجيماً لدوره والدليل أنه يغرّد وحيداً دون أن تلقى مواقفه صدًى من أي من الجهات أو إنسجاماً معه".

"السياق التصاعدي الذي أوصل عون الى سدّة الرئاسة والحريري الى رئاسة الحكومة وأطلق ديمومة العمل الحكومي يبدو أنه سيتوّج بقانون إنتخابي جديد". هذا ما يراه بزي، لافتاً في نفس الوقت الى أن "هذا الأمر قد يستدعي تأجيلاً تقنياً للإنتخابات"، ومشدداً على أن "التيار الوطني الحر ليس بوارد القيام بأي صفقة لصالح قانون الستين، وهو مصرّ وعبر تلويحه بالشارع أن يؤكد أنه سيكون رافعة للعهد". في نفس الوقت يعتبر فليحان أنه "لا يمكن الفصل بين التيار وعون ومن المعروف من البداية أن الشعب سيكون "الذخيرة الحيّة" لحكم عون وسلطته من هنا لوّح التيار بخيار الشارع دعماً لموقف الرئيس في مسألة ال​قانون الانتخاب​ي".

كثيرون عوّلوا على أن "التيار الوطني الحر" ما بعد عون رئيساً ليس كما قبله، إذ لن يلجأ الى خيارات كبرى كتلك التي فعلها سابقاً وأهمها إستعمال سلاح الشارع، فجاءت مواقفه الأخيرة كرسالة واضحة أن التيار في موقعه اليوم هو أقوى من السابق، يسعى الى أن يكون رافعة العهد ومكملاً لمواقف رئيسه... والدليل الأكبر التناغم الحاصل في مسألة قانون الانتخاب، الذي يرى عون في اقراره ضرورة قصوى، فهل ينجح في إنتزاع قانون إنتخابي جديد يتوّج به عهده؟!