على ضوء التطورات الأخيرة في سوريا و​العراق​، يبدو أن على كل من ​إيران​ وتركيا الذهاب إلى تفاهم الضرورة في أقرب وقت ممكن، لا سيما أن تداعيات ما يحصل ربما تكون كبيرة عليهما، بعد أن شاركا كل من موقعه وبطريقته في لعب دور كبير في هذه الأحداث التي باتت تخرح عن سيطرتهما.

في هذا السياق، تبرز أزمة التسوية السياسية في مرحلة ما بعد القضاء على تنظيم "داعش" الإرهابي، خصوصاً بعد الدخول الأميركي والروسي بقوة على مسرح العمليات العسكرية، بينما كانت رهانات أنقرة وطهران تقوم على أساس النجاح في توسيع رقعة نفوذهما نتيجة "التضحيات" التي قدماها على مدى السنوات السابقة.

إنطلاقاً من التوتر الأخير الذي سيطر على العلاقة الإيرانية-التركية نتيجة التطورات السورية في الفترة الماضية، بعد أن شاركا في مفاوضات الآستانة إلى جانب روسيا، تشير مصادر متابعة لهذا الملف، عبر "النشرة"، إلى التوافق في النظرة بينهما إلى التطور الأخير الذي سيطر على المشهد العراقي، والذي تمثل في ما حصل على مستوى محافظة كركوك الغنية بالنفط.

وتلفت هذه المصادر إلى أن كل من أنقرة وطهران عبّرا عن مخاوفهما من هذه الخطوة التي قد يكون لها تداعيات على أوضاعهما الداخلية، خصوصاً في ظل توجه إقليم كردستان إلى طرح الإستفتاء على الإستقلال أيضاً، ما قد يشجع ​الأكراد​ في تركيا وإيران على الذهاب نحو الخطوة نفسها.

من وجهة نظر المصادر نفسها، هذه التحولات لا يمكن أن تتم من دون وجود غطاء دولي مباشر لتحرك الأكراد في سوريا والعراق، وتعتبر أن هناك على ما يبدو توجهاً لتقليم أظافر كل من تركيا وإيران من خلال لعب هذه الورقة، وتوضح أن أنقرة تواجه اليوم أزمة غير مسبوقة على مستوى علاقتها مع البلدان الغربية، خصوصاً تلك المنضوية في الإتحاد الأوروبي، بينما طهران، التي تنفست الصعداء بعد توقيع الإتفاق النووي مع الدول الكبرى، تجد نفسها أمام مرحلة جديدة بعد وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى السلطة، تقوم على أساس محاصرة نفوذها.

بناء على ذلك، ترى هذه المصادر أن ليس هناك أمام القوتين الإقليميتين إلا الذهاب إلى تفاهم الضرورة، بالحد الأدنى، لضمان مصالحهما حتى لو كان من الصعب تصور ذلك في الوقت الراهن، وإلا ستكون النتائج غير إيجابية عليهما، وتشير إلى أن هذا الأمر غير مستبعد، بعيداً عن الخلافات التي تسيطر على العلاقة بينهما، بالرغم من عدم انقطاعها في السنوات الماضية، ووجود التنافس الكبير بينهما، حيث كانت طهران تدعم الحكومة السوريّة بكل قوتها في حين أن أنقرة لم توفر أي وسيلة لم تقدمها إلى قوى المعارضة، كما كانت إيران أول من وضع "فيتو" على مشاركة تركيا في معركة تحرير الموصل، في وقت كانت الثانية توجه أقصى الإنتقادات إلى قوات "الحشد الشعبي" المدعومة من الأولى.

في المحصلة، تجزم المصادر نفسها بأن هناك الكثير من المصالح التي تجمع بين الجانبين، لا سيما على المستوى الإقتصادي، وتشير إلى أن أنقرة كانت المتنفّس الرئيسي لطهران خلال فترة الحصار عليها، في حين كانت إيران أول من قدم المساعدة لتركيا بعد محاولة الإنقلاب العسكري التي تعرّضت لها، وتضيف: "يبدو أن الوقت حان لحصول تبدّل في المشهد العام قبل فوات الآوان".