يبدو أن فريقي الثامن والرابع عشر من آذار ينتظران إنتهاء ​الجيش اللبناني​ من معركة "​فجر الجرود​"، لإعادة فتح السجالات السابقة بينهما، بعد أن نجحت المواجهات العسكرية في سرقة الأضواء من كل الملفات التي كانت طاغية على الواجهة السياسية.

في هذا السياق، يبرز ملفي التنسيق بين الحكومتين اللبنانية والسورية، لا سيما بعد الزيارة التي قام بها وزراء ​الزراعة​ ​غازي زعيتر​ والصناعة ​حسين الحاج حسن​ والنقل والأشغال العامة ​يوسف فنيانوس​ إلى العاصمة السورية دمشق، وسلاح "​حزب الله​"، بعد أن بدأت قوى الرابع عشر من آذار التلويح بهذا الأمر في ظل قيام الجيش اللبناني في معركة تحرير ​جرود رأس بعلبك​.

على هذا الصعيد، توضح مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، أن ملف التنسيق مع ​سوريا​ سيعود إلى الواجهة من جديد، لا سيما إذا ما قرر الوزراء الذين زاروا دمشق طرح هذا الملف على طاولة الحكومة، بالرغم من تأكيد رئيسها سعد الحريري على الطابع الشخصي لهذه الزيارة، وتشير إلى أن الحريري، بالإضافة إلى وزراء قوى الرابع عشر من آذار، سيرفضون أن يكون هناك أي مفاعيل للقاءات الوزراء الثلاثة مع المسؤولين السوريين، وبالتالي سيحاولون إفراغها من أي مضمون لتكون وكأنها لم تكن، في حين أن وزراء قوى الثامن من آذار سيعمدون إلى طرح الإتفاقيات الثنائية بين البلدين، خصوصاً مع إقتراب موعد إعادة فتح المعابر البرية بين سوريا والأردن.

إلى جانب ذلك، تلفت المصادر نفسها إلى ملف آخر سيكون حاضراً في السجالات السياسية بين الجانبين، يتعلق بالتنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري في معركة "فجر الحدود"، على الرغم من نفي قيادة الجيش بشكل رسمي وجود هكذا تنسيق، وترى أن هناك إصراراً لدى قوى الثامن من آذار على التأكيد بأن هذا التنسيق قائم بشكل غير معلن، وتوضح أن هذا الأمر يبرز من خلال المواقف التي تتناول المعركة التي تخاض من الجانب اللبناني وتلك التي يخوضها الجيش السوري، إلى جانب "حزب الله"، من الجهة المقابلة، بينما تُصر قوى الرابع عشر على نفي ذلك إنطلاقاً من الموقف الذي أعلنت عنه ​المؤسسة العسكرية​.

بالنسبة إلى ملف سلاح "حزب الله"، تشدد هذه المصادر على أن قوى الرابع عشر من آذار لن تتأخر في طرح معادلة أن الجيش أثبت أنه قادر على حماية الحدود، لتطالب بإعادة البحث بملف الإستراتيجية الدفاعية العالق منذ سنوات، خصوصاً أنها ترفض معادلة "الجيش والشعب والمقاومة" التي يرفع شعارها الفريق الآخر، وتشير إلى أن هذا الأمر سوف يترافق مع تشديد الحملة الدولية والإقليمية حول دور الحزب خارج الحدود، وتتوقع أن يكون السجال حول هذا الملف هو الأعنف، لا سيما إذا ما تم تحميل الحزب المسؤولية عن الإجراءات العقابية التي ستتخذ من قبل ​الولايات المتحدة​ وبعض القوى الإقليمية.

من وجهة نظر هذه المصادر، توقيت عودة هذه السجالات إلى الواجهة مرتبط إلى حد بعيد بالتطورات القائمة على الساحتين الإقليمية والدولية، حيث يشعر الفريقان بقرب التوصل إلى تفاهم شامل بين الجانبين الروسي والأميركي، حول الأوضاع السورية بشكل رئيسي، بالإضافة إلى إقتراب الإنتهاء من المعارك المتعددة التي تخاض ضد عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي في مختلف الساحات، وبالتالي من المفترض أن يسعى كل منهما إلى محاولة لململة أوراقه لاستثمارها في المرحلة المقبلة، مع العلم أن الخطوط الحمراء، التي كانت موضوعة في السابق، كان تمنع أياً منهما من الذهاب إلى التصعيد غير المحدود.

في المحصلة، يبدو أن المرحلة المقبلة لن تكون سهلة على المستوى السياسي بالرغم من الإنجازات التي يحققها الجيش في الميدان العسكري، خصوصاً أن موعد ​الإنتخابات النيابية​ المنتظرة منذ العام 2009 لم يعد بعيداً.