دخل العميد المتقاعد ​شامل روكز​ الى حياة الكثير من ال​لبنان​يين بواسطة ​المؤسسة العسكرية​ التي خدم فيها وتميّز بانجازاته التي حققها، والمهمات التي نفذها بنجاح، وقد زاد حب شريحة كبيرة للبنانيين له حين دخل بيت الرئيس الحالي للجمهورية العماد ​ميشال عون​ من بوابة زواجه من ابنته كلودين.

ولكن لكل امر في الحياة حسنات وسيئات، وفي مقابل الايجابيات الكثيرة التي اقترن بها اسم العميد روكز، برزت سلبيات اعاقت طموحه العسكري اولاً والسياسي ثانياً. على الخط العسكري، كان روكز قاب قوسين او ادنى من تسلم قيادة ​الجيش​، وقد اعترف الجميع بمن فيهم خصومه من السياسيين بأنه يستحق هذا المنصب، لكن قربه من العماد ميشال عون قتل طموحه العسكري، وانهى بعد الكثير من الاخذ والرد والتحديات السياسية مسيرة عسكرية مشرّفة لرجل احيل الى التقاعد وسط احتفالات لم يشهد لبنان مثيلاً لها لعميد خرج من السلك العسكري الى الحياة المدنية.

طموح روكز الذي انتهى عسكرياً، حمله معه الى الحياة السياسية، فغاب فترة عن الاضواء قبل ان يقتحم المعترك السياسي بشخصية مستقلة بعيدة عن ​التيار الوطني الحر​ (وليس عن جمهور التيار) وعن التيارات والاحزاب الاخرى. ورأى فيه الكثيرون الخليفة المنتظرة للعماد عون في ​كسروان​، وهو لم يتأخر في طرح نفسه في هذه الدائرة لملء الفراغ الحاصل.

وها هي ​الانتخابات الفرعية​ في مهب الريح، لتعلن عن قتل الطموح النيابي لروكز (اقله هذه المرة). في الواقع، هناك الكثير من الاشخاص الذين ارتاحوا لهذه الخطوة ويأملون ان يتم الاعلان عنها بشكل رسمي ليكون ارتياحهم دون قلق من "هبّات اللحظة الاخيرة" التي يمكن ان تضرب في لبنان في اي وقت. وحتى بالنسبة الى التيار الوطني الحر، فإن فوز روكز بمركز نيابي في كسروان سيجعلها تخسر مقعداً لانه اقرب الى المستقل منه الى التيار، فيما سيظهر خصومه السياسيون بمظهر الضعيف في مواجهة شخص لا يتمتع بدعم حزبي من جهة، والتزام اصوات تؤيده قلبياً بتعليمات حزبية للالتزام بمرشحي الحزب.

ولكن، يمكن البناء على ما تقدم للقول ان عدم مشاهدة روكز في ​المجلس النيابي​ الحالي، لا يعني اعدام فرصة مشاهدته في المجلس النيابي المقبل، فالوقت اظهر انه يصبّ في مصلحته بدليل احتفاظه بالشعبية التي اكتسبها منذ تقاعده وحتى اليوم، فهي لم تنقص كما انه اكتسب الخبرة المدنية اللازمة للخروج من الجو العسكري في التوجّه الى الناس، ودخوله الجو السياسي واظهر، حتى اليوم، قدرة مهمة على الكلام المقبول وغير الاستفزازي، والاهم هو ان هذا الكلام يصبّ في خانة اجتذاب الناس اليه.

واذا كان عامل الوقت اضافة ايجابية لروكز، فإن عامل الجيش لا يزال يدور حوله، فهو يعرف ان مواقفه الداعمة للجيش تلقى ردة فعل مغايرة لكل المواقف الايجابية نفسها التي يطلقها سواه، لانه بالنسبة الى الناس لا يزال روكز هذا المقاتل الذي يرمز الى المؤسسة العسكرية وليس من السهل نزع هذه الصورة من اذهانهم، خصوصاً في ظل التطورات الراهنة التي يقاتل فيها الجيش تنظيم "داعش" الارهابي مع كل ما يعنيه ذلك من تضامن والتحام حوله.

لكمتان وجهتا الى وجه روكز في فترة قصيرة، الاولى عسكرية والثانية نيابية، ولكن هذا لن يعني بأي حال من الاحوال انكفاءه وتراجعه، فهو اعتاد المواجهة وهذا ما سيقوم به في الآتي من الايام، ولن يكون من المستغرب ان يضاف لقب "سعادة النائب" الى لقب العميد الذي يحمله روكز في المستقبل، فيما سيقلق منافسوه في السياسة من امكان تكبير طموحه بعد النيابية ليستنسخ تجربة عمّه ويبدأ العمل بعد سنوات على جبهة جديدة.