رسالة الى فخامة رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ وإلى معالي وزيري الداخلية والعدل الأستاذ ​نهاد المشنوق​ والقاضي ​سليم جريصاتي​ وإلى ​قادة الأجهزة الأمنية​.

لأنّكم المرجع الصالح؛ ولأننا نعرف مدى حرصكم على حسن سير الدولة وإحقاق العدل؛ ولأنّ ما من أحدٍ مسؤول أوكله الله رسالة عامّة يودّ عن علم أو عدم علم أن يكون من الظالمين في الحياة الدنيا؛ وقبل أن تحوِّل هذه القضية الأمنية-القضائية-الحقوقية الدولة ال​لبنان​ية إلى نموذج سيّء بين دول المنطقة والعالم؛ لا سيّما أنه بات يتردّد كثيرا في الآونة الأخيرة بين المواطنين والمغتربين مدى خطورتها؛ نطلب منكم باسم العدالة ما يلي: أوقفوا "كتب المعلومات".

وبالمناسبة، المقصود في قضيتنا "كتب المعلومات" الخاطئة أو الإفترائية. كتب غير موقّعة بالإسم الثلاثي الكامل لمنظّميها؛ والتي تحال إلى مفارز وفصائل ​القوى الأمنية​ للتحقيق، ومن ثمّ إلى النيابات العامة للإدّعاء والملاحقة؛ وبعدها إلى المحاكم... ولكنّها فارغة من أيّ إثبات على ما تحتويه.

حجّتها فقط: صدورها وختمها ومهرها من قبل جهاز أمني ما.

المادة 27 من قانون أصول المحاكمات الجزائية تفرض أن يكون الإخبار خطيا ومذيلا بتوقيع المخبر أو وكيله بشكل كامل وواضح، مع ذكر محل إقامته وذلك تحت طائلة رفضه وعدم قبوله. هذا لا يُطبَّق اليوم في بعض التحقيقات الأولية. الحجة: معلومة أمنية.

علماً أنّه بحسب المادة المذكورة أعلاه؛ لا يُستثنى الإخبار الأمني الخطي من وجوب أن يكون موقعا بالاسم الكامل.

اشترط المشرع ذلك بحزم لضمانة التأكد والحرص على صحة الخبر، ولتفادي اختلاق الجرائم من قبل المخبرين المأجورين أو غير المهنيين، وحفاظاًعلى حقوق الإنسان ورصانة الدولة.

يرى حقوقيون عديدون ونحن منهم، أنه على النيابات العامة الإستئنافية ألا تستدعي أي شخص للتحقيق بناء على هكذا مستندات سواء كانت أمنية أم لا لأنها مخالفة لشروط القانون.

ماذا يحصل عندنا في قضايا عدّة؟ يُستدعى بموجب كتب المعلومات بعض المواطنين للتحقيق أو تتمّ مداهمتهم؛ ولكنهم أبرياء.

صدرت أحكام قضائية عدة عبر الزمن في لبنان أثبتت براءة الكثيرين كان قد تم توقيفهم بناء على كتب معلومات. ولكن لم تتوقف هكذا كتب فارغة من الأدلّة أو خاطئة أو مختلقة.

صحيح أنّه لا نص قانوني مرِن في قانوننا الوضعي يسمح للمواطن بأن يداعي ويخاصم الدولة ليطالبها بتعويض عن إهانته دون وجه حق نتيجة توقيفه تعسّفاً أو إرهاقه في تحقيقات ومحاكمات لا ناقة له فيها ولا جمل؛ على عكس ما هو الحال في بلدان عدّة ك​فرنسا​ و​الولايات المتحدة الأميركية​ مثلا، حيث تصل التعويضات إلى ملايين الدولارات. (إنه نقص تشريعي في لبنان، سيجري طبعا العمل على سدّه بقانون حديث. وبدأنا. إن ما هو منصوص عنه في قانوننا حول مداعاة الدولة بشأن المسؤولية الناجمة عن أعمال قضاتها العدليين؛ غير كافٍ)، ولكن، بانتظار تحديث القانون، القرارات الإدارية للوزراء المعنيين كما إشارات النيابات العامة القضائية وحتى قبل الأحكام النهائية، قادرة على منع تحول دولة القانون إلى دولة بوليسية.

فخامة الرئيس وحضرة الوزراء المعنيين وجانب قادة الأجهزة الأمنية؛ كتب معلومات عدّة تُنظّم من أمنيين أو مدنيين تَنْسبُ إلى الناس ضلوعهم في جرم ما، أو تَخلق جرائم غير موجودة أصلاً؛ يمهرها ويذيلها جهاز أمني ما، فتُضفىي على الإخبارات الصفة الشرعية ولكنها باطلة قانونا.

إنّها كتب ترهق القوى الأمنية عبثاً بتحقيقات لا لزوم لها؛ تتعرّض لأمن المواطن عبثاً أيضاً؛ وتضيّع وقت المحاكم بعبثية أكبر؛ ولكنها تسبّب أَذًى غير عبثي أبدا للدولة والمواطن على السواء.

نفهم أن الإحتياطات الأمنية في ظل المخاطر المتربّصة بالبلد تستدعي جمع المعلومات والتيقظ والتحقيق؛ إذاً، فلتعمل الأجهزة الأمنية بسهر دؤوب على كشف صحة أي معلومة جرمية قبل زجّ الأبرياء بها؛ بدءاً من وجوب توقيع أي إخبار بالاسم أو بالرقم العسكري لمنظّمه حتى يؤخذ به، وصولا الى متابعة الخيوط المعروضة وذلك بسرية استخبارية أمنية، وصولاً إلى إلقاء القبض بالجرم المشهود على المتورطين أو جمع أدلة وافرة يصحّ على أساسها مخابرة النيابات العامة الإستئنافية لبدء التحقيقات.

وطبعا بامكانكم وضع الآلية العادلة الواجبة الإعتماد.

لأنه في الدول المتحضرة، لا يُستدعى الناس الى المراكز الأمنيّة للتحقيق نتيجة لـ"خبريّة" أيّ كان... كي لا نسميها إخبارا!

ليس هكذا تبنى الأوطان بأبنائها وتبنى الثقة لعودة مغتربينا!

لحين حل هذه القضية بقرارات حازمة منكم، للمواطن أن يعلم أنه، كل من يتعرض جزافاً وظلماً وبهتاناً للإستدعاء وللتحقيق وحتى للتوقيف على يد أي فصيلة أو مفرزة أمنية وحتى بعد مخابرة النيابات العامة، وذلك بناء على كتاب معلومات غير موقّع من اسم المخبر الكامل أو اسم رجل الأمن مرفقا بصورة هويته أو بطاقته الأمنية. فله كامل الحق قانونا بتقديم شكوى مباشرة أمام القضاء ضد مجهول، ويطلب فيها تبيان هوية ومصدر مُنظِّم "كتاب المعلومات" للإدّعاء عليه فيتحول المفترون أو المهملون الى المحاكمة والتوقيف ومن ثمّ التعويض بعد الحجز على رواتبهم وأموالهم سواء كانوا يحملون صفة أمنية أم لا.

وهنا، نطلب من قادة الأجهزة الأمنية أن تحيل الى المساءلة المسلكية والعدلية كل من يرتكب خطأ او إفتراء في كتاب معلومات، اذا كان المخبر المسبّب أو المنظّم له يحمل صفة رجل أمن.

إنها مسألة هامة تأخذ مجرى العادة خطيرة. بيدكم نودعها ومعكم نتابعها. انتهت الرسالة.

لمن يهمه أن يعرف من قرائنا، "كتاب المعلومات" مستند أمني يلخّص وقائع جرمية تُنسَب الى مواطن ما؛ هو غير موقع بالاسم الكامل لمنظمه. يذيل بختم جهاز أمني.

بعض هذه الكتب صحيحة وبعضها الآخر ملفّق ومختلق وكيدي أو خاطئ حتى الجهاز الأمني بذاته يكون أحيانا قد وقع ضحيتها. نطرح اليوم قضية الكتب غير الصحيحة: يتم توقيف الناس في النظارات بناء لكتب معلومات. فقط بناء على الشك. ربما أصبح اللبناني مجرم حتى تثبت براءته. على عكس القاعدة الجوهرية في البلدان التي تحترم العدل.

كرامات بعض الناس تُهان. والآلية السائدة هي ما يلي:

1-كتاب معلومات مجهول منظمه. صادر عن جهاز أمني

2-واقعة جرمية

3-مخابرة النيابة العامة التي تشير الى بدء التحقيق

4-يُستدعى المشتبه به أو يُلقى القبض عليه

5-تحقيقات أولية لساعات وربما لأيام

6-النيابة العامة تترك المشتبه به بسند إقامة أو توقفه

7-يحال محضر التحقيق الى النيابة العامة فتحفظه أو تدّعي بورقة طلب على المشتبه به بالجرم المنسوب اليه

8-محاكمات و​توقيفات

9-لا أدلّة

10-براءة

11-أضرار جسدية ونفسية واجتماعية

12- يبقى المخبر دون ملاحقة وعقاب.

هنا لا بد من أن نطرح الأسئلة التالية:

لماذا يُستدعى الناس للتحقيق بناء على كتب معلومات خالية من الأدلّة ومجهول فيها منظمها الفردي أو الجماعي؟.

لماذا يعتبر كتاب المعلومات صحيح لمجرد صدوره عن جهاز أمني وهو غير موقع من صاحب المعلومة؟

لماذا تصدر بلاغات البحث والتحرّي ومذكرات التوقيف سنداً لكتب معلومات؟

نخشى أن يفقد القانون هيبته باسم الأخطار؛ فتزيد الأخطار ويضيع القانون ويرحل المواطن.

نخشى أن نتحول تدريجيا إلى دولة تُستباح فيها الحقوق الإنسانية، فيُشرّع داخلنا عن جهل لمن يحمل لنا لواء إنقاذ الديمقراطية، فنغرق في آتون الفوضى بدل تحصين التشريع والدولة وأسس الديمقراطية.

قضية ستتابع...