بعد أيام من إنتهاء الجولة السادسة من مؤتمر آستانة، إختارت "​هيئة تحرير الشام​"، بالتحالف مع "الحزب الإسلامي التركستاني"، التحرك عسكرياً عبر عملية في ​ريف حماه​، في ظل المعلومات التي تتحدث عن عملية عسكرية تستعد ​الحكومة التركية​ لها في ادلب، لكن اللافت على هذا الصعيد هو تبادل الإتهامات الواسع، حول الجهة التي حركت "النصرة" في هذا التوقيت لضرب مقررات المؤتمر المذكور.

من حيث المبدأ لدى "النصرة" مصلحة ذاتية في القيام بهذا الهجوم، بعد أن شعرت بأن ساعة نهايتها تقترب، خصوصاً في ظل الإتفاق الروسي الإيراني التركي، حيث أنها تريد التأكيد على عدم قدرة الدول الثلاث على تجاوزها عبر الإتفاقات التي تعقد فيما بينها، في حين لا يزال الخلاف طاغياً حول واقع مدينة مورك التي تُصر ​موسكو​ على أن تكون ضمن المنطقة التي تسطير عليها، إلى جانب دمشق و​طهران​، بينما فصائل ​المعارضة السورية​ المشاركة في الآستانة تريد أن تكون من ضمن المنطقة الثانية التي تقع تحت سيطرة أنقرة.

وفي الوقت الذي توجه فيه ​الحكومة السورية​ الإتهامات لنظيرتها التركية بالمسؤولية عن تحرك "النصرة"، بسبب وجود "الحزب الإسلامي التركستاني" المقرب منها في هذه المعركة، هناك من يربط الأمر بتجاوز الجيش السوري الخطوط الحمراء التي كانت تضعها الولايات المتحدة في معركة تحرير ​دير الزور​ من عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي، إلا أن اللافت، بحسب ما تؤكد مصادر متابعة، لـ"النشرة"، هو الهجوم الذي تشنه فصائل من المعارضة السورية على الجبهة، بالرغم من أنها كانت حتى وقت قريب حليفة لها، حيث تتهمها بالتعاون مع دمشق في هذه المعركة للإنقلاب على ما تقرر من إتفاقات مؤخراً، ملمحة إلى إحتمال تكرار سيناريو ما حصل في مدينة حلب.

وتلفت هذه المصادر إلى أن تلك الفصائل تعتبر أن كلاًّ من طهران ودمشق لا تريدان إستمرار هذا الإتفاق، الذي يخرج ادلب من دائرة حسباتهما، نظراً إلى أنه يساهم في تعزيز الدور والنفوذ التركي، وترى أن ما تقوم به "النصرة" سيكون بمثابة مبرر لرد كبير لا أحد يعرف أين ينتهي.

إنطلاقاً من هذا الواقع، تؤكد المصادر نفسها أن هذه المعركة هي من دون أفق سياسي بالنسبة إلى "النصرة" وحلفائها، نظراً إلى أنها لن تساهم في تبدل النظرة الإقليمية والدولية لها، لناحية تصنيفها منظمة إرهابية لا يمكن أن تكون جزءاً من العملية السياسية، وهو ما يفسر الإنشقاقات الأخيرة التي عصفت بها، لكنها في المقابل قد تؤدي إلى نتائج على مستوى التنافس بين القوى الأخرى المتنافسة على النفوذ في الساحة السورية، خصوصاً على مستوى موقف بعض فصائل المعارضة الملتبس حتى الساعة.

إلى جانب ذلك، تشير المصادر المتابعة إلى أنها قد تكون مبرراً لتعجيل العملية العسكرية التركية المنتظرة، لا سيما أن أنقرة كانت قد بدأت بنقل التعزيزات العسكرية التي وصلت إلى ولاية هاتاي، يوم الاثنين، إلى وحداتها العاملة في النقاط الحدودية مع ​سوريا​، إلا أن الأخطر هو أنها قد تؤدي إلى توسيع رقعتها الجغرافية لتشمل المناطق التي قد تنجح "النصرة" في إنتزاعها من الجيش السوري وحلفائه، لكنها ترجح، في ظل صعوبة ما تقدم، أن يكون الهدف منها زج الجبهة في معركة من هذا النوع لإضعافها قبل التدخل التركي في حال قررت مواجهته عسكرياً.

في المحصلة، لن تساعد هذه المعركة في تغيير النظرة إلى "النصرة" أو الدفع نحو القبول بها فريقاً في العملية السياسية، لكن الأكيد أنه سيكون لها تداعيات على الواقع في ادلب في الأيام المقبلة.