فعلاً اشتاقت الساحة السياسية الى إطلالات جديدة لـ"المناضل الآذاري" ​فارس سعيد​ وخصوصاً عندما تكون في توقيت مرسوم سعودياً بامتياز. ليس مهماً ان يتحدث سعيد عن اهمية الحدود "المنتزعة" لدولة ​لبنان​ الكبير في العام 1920 من الاحتلال الفرنسي للبنان لان هذا النقاش فضفاض الى درجة لا تتسع اليه مخيلة سعيد ولا تكفي إطلالة واحدة لمعرفة ما يعرفه سعيد عن السيادة والوطن والحدود والجغرافيا والديموغرافيا وللوقوف على آرائه الثمينة في هذه السياقات جميعها.

المهم في إطلالة سعيد امس انها اعادت هذا "النجم" الى الساحة السياسية ليس من بوابة منصبه كأمين عام لتجمع ​14 آذار​ الضخم جداً قبل دخوله العناية الفائقة بعد نزوح الرئيس ​سعد الحريري​ خارج لبنان بعد حزيران 2011 بل من بوابة إعادة إحياء هذا التجمع المتهالك بإشارة سعودية وملكية هذه المرة من الملك المستقبلي محمد بن سلمان.

فسعيد على الارجح ان لم يزر السعودية هذا الاسبوع فربما له حصة وحظ الاسبوع المقبل بعدما تم استدعاء كل من النائب ​سامي الجميل​ والدكتور ​سمير جعجع​ وبما ان اللغة العربية فضفاضة قد يقول ​الكتائب​يون والقواتيون السياديون جداً انهم يرفضون صيغة "الاستدعاء" بل يصرون على "الدعوة" السعودية التي وجهتها الدائرة المقربة من سلمان الى كل من الجميل وجعجع. رغم ان كل المؤشرات والمعطيات تؤكد ان السعودية تقصدت في هذا التوقيت اللبناني وبعد لقاء الوزير ​جبران باسيل​ والوزير ​وليد المعلم​ في نيويورك ان تؤكد انها تعارض "تفرد" المسيحيين عبر الرئيس ميشال عون وصهره باسيل في إدارة الملف الماروني بعيداً من رغبة ​الموارنة​ الآخرين وخصوصاً ان الكتائب والقوات لا يريدان ل​ايران​ وسورية ان يكون لهما نفوذ لبناني عن طريق الدولة التي يرأسها عون ويمثل خارجيتها باسيل. فيكفي لجعجع والجميل و14 آذار كابوس ​حزب الله​ وسطوته على الدولة من كل الاتجاهات ونفوذ حزب الله اللبناني هو نفوذ لسورية وايران فصعبة وكبيرة ان ينضم الى تحالف ​الشيعة​ وايران وسورية عون وفريق واسع من الموارنة والمسيحيين الذين يؤيدون عون. فقال محمد بن سلمان كلمته وأكد انه لن يسمح لعون بأن يتفرد مارونياً وان ينساق الى محور حزب الله وايران وسورية فاستدعى جملة من صقور 14 آذار وها هو يكمل اللقاءات الاسبوع المقبل بزيارة اللواء ​اشرف ريفي​ وشخصيات اخرى وربما يكون سعيد منها بالاضافة الى النائب ​وليد جنبلاط​ الذي نفخ في اذن محمد بن سلمان نعم انا مثلك لا اريد ​بشار الاسد​ واريد افضل علاقات مع سورية الجديدة. اما عن شكل سورية الجديدة التي يريدها بن سلمان و"الفريق السيادي الآذاري" الضخم فلم يخبرونا ولم نعرف ربما هي سورية المدمرة والمنقسمة طائفياً ومذهبياً ومقسمة الى دويلات وكيانات عرقية واثنية على غرار كردستان ​العراق​. لهذه الاسباب يعيد السعوديون انتشال اصدقائهم من تحت الركام ويعيدون تركيب "بازل" 14 آذار المتهالك عسى ولعل ان يواجهوا حزب الله وعون.

وفي مشهد لافت جداً يبدو سعد الحريري خارج الحسابات السعودية فالاخير يريد ان يبقى في السراي وان يبقى في السلطة ليلملم شارعه المتهالك ولا يريد ان يفتح صراعاً مع حزب الله وعون قد يطيح بالحكومة وبالبلد. فتراه في دهشة وفي حيرة وفي عجز عن الانجرار وراء الرغبة السعودية في تفجير البلد او في توتيره على الاقل وقد يؤدي هذا الى تطيير الانتخابات النيابية ايضاً علماً ان الفريق الذي تسعى السعودية الى تجميعه وإعادة شحنه مالياً واعلامياً وسياسياً لم يحقق اية انجازات في وجه حزب الله وسورية وايران وعلى العكس فإن عودهم يقسى ويمتد ويتفرع في كل المنطقة من لبنان الى سورية والعراق و​البحرين​ و​اليمن​ وهذا ما لم تهضمه السعودية حتى الآن وستفعل المستحيل لمواجهة هذا المحور في لبنان وخارجه ما يعني اننا مقبلون على مرحلة قاتمة ومتوترة ربما من يدري!