يبدو أن الحملة التي يقودها وزير الدولة السعودي لشؤون ​الخليج​ ​ثامر السبهان​ ضد "​حزب الله​"، تأخذ منحى تصاعدياً، يؤشر إلى أنها قد تتوسع لتكون أشمل في المرحلة المقبلة، بالرغم من غياب أي خطوات عملية لها على أرض الواقع.

وفي حين لا يزال من المستغرب اندفاع وزير الدولة لشؤون الخليج، تطرح العديد من الأوساط السياسية ال​لبنان​ية الكثير من علامات الإستفهام حول هذه الحملة، خصوصاً بالنسبة إلى المستهدف منها، وعما إذا كانت تعبر عن موقف سعودي رسمي، نظراً إلى أنها تنحصر، حتى الآن، في العالم الإفتراضي، من دون أن يصدر أي بيان رسمي يتبنى مضمونها.

على هذا الصعيد، عمدت مصادر سياسية مطلعة، عبر "​النشرة​"، الى "تشريح" الحملة التي بدأت بدفع اللبنانيين الى الاختيار بين الوقوف إلى جانب "حزب الله" أو ضده، في 4 أيلول الماضي، والتي لم تتوقف عند هذا الحد، بل تطورت إلى الدعوة للتعامل معه كما تم التعامل مع تنظيم "داعش" الإرهابي، في 8 أيلول، وصولاً إلى الحديث عن أن الحل بتحالف دولي صارم لمواجهته ومن يعمل معه، في 8 تشرين الأول الحالي، بعد الإعلان عن العقوبات الأميركية ضد الحزب.

وفي حين ذهب أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله إلى الرد على السبهان بعد التصعيد الأخير، لم يتوقف كلام الأخير في هذا المجال، حيث لم يتردد في الإعلان، في 13 تشرين الثاني، عن أن بلاده ستقطع يد من يحاول المساس بها، ليدعو بعد ذلك، في 27 تشرين الثاني، لمعاقبة من يعمل ويتعاون مع الحزب سياسياً وإقتصادياً وإعلامياً، وصولاً إلى كلامه، أول من من أمس، عن صمت الحكومة والشعب عن إعلان الحزب ومشاركته في الحرب على السعودية.

إنطلاقاً من ذلك، توضح المصادر نفسها أن توجيه السبهان رسالة مباشرة إلى الحكومة، التي تضم حلفاء الرياض في بيروت، مؤشر إلى أنه غير راض على عدم مواكبتهم له، بينما هو يريد من الرسالة إلى ​الشعب اللبناني​ أن يكون هناك تحركاً شعبياً ضد الحزب.

ازاء هذا الوضع، ابدت مصادر نيابية في قوى الثامن من آذار، عبر "النشرة"، تساؤلها عن سبب الصمت الرسمي اللبناني على مواقف وزير الدولة السعودي، وترى أن أغلب الرسائل التي يوجهها مُرسلة إلى حلفاء المملكة، نظراً إلى أنه يتوقع منها أن تتحرك، على إعتبار أن ركائز التسوية التي أبرمت في لبنان، من وجهة نظره، لم تعد قائمة.

وتشير المصادر السياسية المطلعة إلى أن السبهان يرغب في ضمان قيام حملة شاملة في لبنان ضد "حزب الله"، مقابل الدعوة إلى معاقبة كل من يتعاون معه، لكنها في المقابل لا ترى، في الوقت الراهن، أي رغبة في التماهي مع هذا الكلام من قبل غالبية القوى السياسية الأساسية في لبنان، لا سيما رئيس الحكومة ​سعد الحريري​، الذي يشدد في كل مناسبة على أهمية الحفاظ على الإستقرار المحلي، وتلفت إلى أن ردود الأفعال منحصرة ببعض الشخصيات من اصحاب المواقف المعروفة.

من جانبها، تضع المصادر السياسية المطلعة ما يحصل من تجاذب على الساحة المحلية ضمن مشروعين واضحين، الأول يسعى إلى جر لبنان لإعادة العلاقات مع ​الحكومة السورية​ إلى سابق عهدها، من خلال التواصل والتنسيق معها لحل الملفات العالقة أبرزها ​ملف النازحين السوريين​، والثاني يسعى إلى مواجهة "حزب الله"، عبر إثارة تداعيات الدور الذي يقوم به على مستوى المنطقة، خصوصاً مشاركته في ​الحرب السورية​.

في المحصلة، تتوقع المصادر نفسها أن تكون المرحلة المقبلة الأصعب على الإطلاق، لا سيما إذا ما إستمرت وتيرة مواقف السبهان بالتصاعد، بالتزامن مع ضغوط تفرض على حلفاء الرياض في لبنان للتحرك، تواجهها ضغوط مقابلة هدفها فرض التنسيق مع دمشق، خصوصاً أن البلاد على أبواب إنطلاق الحملات الخاصة ب​الإنتخابات النيابية​ المقبلة، التي يسعى فيها كل فريق إلى تحسين تمثيله في الندوة البرلمانية، بالإضافة إلى سعي المحاور الإقليمية والدولية المتصارعة إلى تأمين فوز حلفائها بالأغلبية النيابية.