شكلت إطلالة رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ في مقابلته التلفزيونية بالأمس حدثا بارزا في مسار الأزمة التي ولدت مع استقالته من الرياض قبل اسبوع. القنوات ال​لبنان​ية بإستثناء محطّتين التزمت بمضمون بيان ​رئاسة الجمهورية​ الذي اعتبر أن "الغموض الذي يكتنف وضع الحريري منذ اعلانه استقالته، يجعل كل ما صدر ويمكن ان يصدر عنه من مواقف او ما ينسب اليه، لا يعكس الحقيقة، بل هو نتيجة الوضع الغامض والملتبس الذي يعيشه في السعوديّة وبالتالي لا يمكن الاعتداد به" فاحتجبت غالبيّة المحطّان عن بث المقابلة فيما قُطع بث القنوات الناقلة عن بعض المناطق اللبنانية لبعض الوقت.

الحريري الذي يصر لبنان على المستويين الرسمي والشعبي على ضرورة عودته، بدا مربكا ومنهكا وغير مرتاح. أجاب على تساؤلات اللبنانيين ولكنه لم يقنع المشككين، تراجع بوضوح عن حدّة الخطاب الذي ظهر به في بيان الاستقالة "المكتوب" فغابت كلمات "قطع ايدي ​ايران​" عن مشهد المقابلة، فيما اقر ان الخطوة التي قام بها من خارج لبنان غير دستورية في معرض قوله "سأعود إلى لبنان خلال أيام لاستكمال الاجراءات الدستورية بشأن الاستقالة وعقد مشاورات"، وألمح ايضا إلى إمكانية التراجع عن الاستقالة بشرط "النأي بلبنان" عن أي شأن خارجي. المتابعون على ​مواقع التواصل الإجتماعي​ إنشغلوا بكل هذه التفاصيل فشهد الفضاء الالكتروني اللبناني والعربي جدلاً واسعا.

هاشتاغ "تحت الضغط" رافق معظم التعليقات التي تطرقت الى اطلالة الحريري في اشارة الى ان المقابلة مع رئيس الحكومة جرت تحت ضغط سعودي واضح. وفي هذا الإطار علّق الإعلامي في قناة المنار علي شعيب على المقابلة قائلا: "نتمنى كل السلامة للحريري وعائلته أيا كانت مواقفه، إنسانيتنا وأخلاقنا تحتم علينا التعاطف مع الحالة الإنسانية التي ظهر عليها اليوم". وعلق الإعلامي رامز القاضي بالقول: "الغالبية تتعامل مع مقابلة سعد الحريري بالشكل أكثر من مضمون الكلام كيف يبدو ونبرة صوته وحتى ساعته الذكية"، مضيفا: "هو التعامل مع أي مخطوف عندما يظهر على التلفزيون"، فيما اكّد المغرد انطوان الحلبي أن "الحريري مخطوف وتحت الإقامة الجبريّة ومن لم يفهم بعد ذلك يكون مشاركاً بهذا الظلم"، كما علق الصحافي حمزة الخنسا متهكما على من يعتبرون ان الحريري ينعم بحرية كاملة في الرياض فقال: "من شدة الحرية التي يتمتع بها... بكى".

ولفت عدد من المعلقين الانتباه الى ان الحريري اصيب بالارباك فيما توقفت المقابلة بشكل مفاجىء بعد ظهور شخص مجهول بالكادر اثناء المقابلة يحمل ورقة وقلم لتوضح يعقوبيان فيما بعد ان هذا الشخص من ضمن فريق العمل، فعلق احد المغردين ردا على ما نقلته يعقوبيان عن تحركات بالشارع تزامنا مع المقابلة بالقول: "في تحرّك وراكي مش بالشارع يا بولا". من جهته علّق الإعلامي فراس حاطوم على مضمون حديث الحريري فسأل: "انتم متأكدون ان ​حزب الله​ لم يخطف الحريري لأن المقابلة أظهرت أنه أصبح مع الثامن من آذار". ورأى المخرج شربل خليل أن "هذا ليس سعد الحريري، هذا حزن الحريري".

من جهة ثانية طغى الجانب العاطفي على عدد واسع من التعليقات فأكد الإعلامي يزبك وهبي أنه "أدمعت عينا الحريري حين تحدّث عن حبّه للبنان ليت كل زعمائنا يتمتعون بالمحبة نفسها للوطن قولا ً وفعلاً، الدمعة ما إلها علاقة إنو تحت الضغط"، وشدّد المغرد محمد قنبر على انه : "تحت الضغط او بلا ضغط حب الحريري للبنان وشعبه وحبنا له لا أحد يمكنه المساومة عليه".

وعلق عدد من المغردين على قطع البث في بعض المناطق فسأل انور عبد الخالق: "محاولة منع المتابعة والبث ضرب ذكاء او هبل"؟، فيما اعتبر امين حجار انه "بعد أن منع محور الممانعة المحطّات الإعلامية من بث مقابلة الحريري، أصبح واضحا من هو تحت الإقامة الجبرية".

بدوره حذّر القيادي في ​حزب القوات اللبنانية​ شربل عيد من انهم "يعمدون الى إلهاء الناس قصداً بشكل المقابلة ومكانها، فيما عليهم تقديم اجوبة حاسمة عن مدى استعدادهم لتنفيذ سياسة النأي بالنفس والانسحاب الكامل من جميع حروب وأزمات المنطقة والا فوصول الطوفان إلينا قريب ووشيك".

وفي الختام لا بد من الإشادة بالموقف الرسمي للرئيس عون ورفضه اسلوب التعاطي السعودي مع الحريري بانتظار ان يعود الأخير الى لبنان ليبنى على الشيء مقتضاه، اما بالعودة عن الاستقالة او المضي بها.