تتراكم الاسئلة في ​لبنان​ حول ما تحمله الأيام المقبلة، في ظل الأزمة المفتوحة التي أصابت ​الحكومة​ بعد إستدعاء السعودية لرئيسها ​سعد الحريري​ وطلب إستقالته. لا أحد يجزم بما تخفيه المرحلة المقبلة، لا لبنانيا ولا اقليميا. لكن ثمة سيناريوهات سوداوية ترسمها شخصيات مطّلعة في قوى "​14 آذار​". لا تنكر الانقسام الذي يسود في صفوفها بين رأيين: الأول يقوده ​نادر الحريري​ حول أولوية عودة "الشيخ سعد" إلى لبنان، ثم البحث بالشروط السياسية لتغيير قواعد اللعبة بما يتلائم مع مطالب السعودية. والثاني يدفع اليه رئيس حزب القوات ​سمير جعجع​ الذي يطالب أولاً بضرورة الضغط السياسي لإجبار ​حزب الله​ على التراجع عن الساحات العربية، وتحديدا في ​اليمن​، وتخلي الحزب عن شعاراته ضد الرياض والتزام النأي بالنفس كمدخل لإستقامة الحياة السياسية اللبنانية.

لم يتقدم رأي على آخر حتى الساعة، على وقع تباينات بخصوص وضع الحريري، وترقب التدخل الفرنسي لحل أزمة رئيس حكومة لبنان وانهاء الاقامة الجبرية التي تفرضها المملكة السعودية عليه.

الرأي الأول يرفض البحث بأي عنوان أو تفصيل قبل وصول الحريري الى بيروت. الرأي الثاني يغوص في توصيف المشهد لرمي الكرة في ملعب حزب الله. يقول أصحاب هذا الرأي "أن السعودية قلقة من تواجد عناصر وخبراء للحزب في اليمن يقومون بنصب منصات صاروخية تهدد المملكة، ويدرّبون الحوثيين على استخدامها". ويتوسع هؤلاء بتوصيف المشهد: لقد أيقنت الرياض أن ​سوريا​ مقبلة على تسوية ستؤدي الى انسحاب عناصر حزب الله من أراضيها تدريجياً، وهي تخشى إنتقال المقاتلين من سوريا الى اليمن، فأرادت المملكة إستباق الخطر القادم اليها بمحاصرة الحزب في ساحته الأساسية أي لبنان". وعندما يأتي السؤال: كيف يكون الحصار؟ وهل نشهد حرباً عسكرية ضد لبنان؟ تستبعد تلك الشخصيات فرضية المواجهة العسكرية، بوجود بدائل إقتصادية-مالية. تقول: كان الحريري يشكل غطاء دولياً عملياً على ممارسات حزب الله، ويمنع توسع العقوبات لتطال اللبنانيين، لكن بغياب الحريري عن رئاسة الحكومة ستحل الازمات المالية والاقتصادية، أولا بإجهاض المؤتمرات المالية التي كان يجري تحضيرها لدعم لبنان، ثانياً بحصار إقتصادي سعودي قد يصل الى حد منع طيران الشرق الاوسط مثلاً من الدخول في الأجواء السعودية، عدا عن إمكانية إبعاد اللبنانيين عن أراضي المملكة، والتعامل مع لبنان كما يجري التعامل مع قطر.

لا تكتفي تلك الشخصيات عند هذا الحد، بل تسأل عن ملف النفط والغاز: هل طار التلزيم بغياب الحكومة؟ علما أن ثلاث شركات بقيت فقط، روسية وإيطالية وفرنسية من أصل ٤٢ شركة.

تحذّر شخصيات "14 آذار" من التصعيد ضد السعودية، وترى أمر الذهاب الى مجلس الأمن خطوة خطيرة جداً ستؤسس لشرخ كبير مع الرياض لا يستطيع لبنان تحمله. وترى أن العواصم الدولية ستفضّل العلاقات مع السعودية على حساب مصالح لبنان، لأن هناك علاقات تجارية ومكاسب مالية ضخمة للدول الأوروبية والأميركية والروسية والأسيوية جرّاء التعامل مع الرياض.

وتسأل تلك الشخصيات: لماذا بدت موسكو صامتة إزاء وضع الحريري في السعودية؟ ولماذا لا تتدخل واشنطن عملياً بصورة حاسمة؟ ولماذا التردد الفرنسي ومحاولة الحل من دون اغضاب السعودية؟ الجواب: لأن هناك مكاسب بمليارات الدولارات ستجنيها تلك الدول من السعودية لقاء منتجات وصناعات أسلحة وبواخر وطائرات. هنا يبدو لبنان ضعيفاً. بالنسبة الى تلك الشخصيات، "لا حلفاء دوليين جديين لرئيس الجمهورية ​ميشال عون​ في تصعيده ضد السعودية سوى ​إيران​" (حسب الشخصيّات الآذاريّة). هذا ما يحاول حزب القوات التحذير منه، على ذمة تلك الشخصيات، التي لا تستبعد أن يستقيل وزراء القوات قريباً بذريعة العناوين نفسها التي أوردتها كلمة الحريري.