بعد طول إنتظار، أصدرت محكمة الجنايات في ​بيروت​ برئاسة القاضي طارق البيطار حكمها، في جريمة قتل ​جورج الريف​، بحق ​طارق يتيم​ وصديقته لينا حيدر، وقررت إدانته بالمادة 549 من قانون الجنايات التي تنص على الإعدام وبالمادة 73 من قانون الأسلحة، في حين قررت براءة حيدر من التهم المنسوبة إليها.

وكان قاضي التحقيق في بيروت جورج رزق قد طلب، في قراره الظني الصادر في شهر أيلول من العام 2015، عقوبة الإعدام ليتيم، بسبب إقدامه في منطقة الجميزة - الصيفي في 15 تموز 2015 على قتل الريف عمدًا وتعذيبه بشدة وشراسة وقسوة على الرأس، بواسطة سكين ممنوعة وبعقب هذه السكين وبقبضة يده مرات عدة متكررة ، وبركله برجله مرات عدة على رأسه، وضربه على وجهه وعينيه، وعلى انحاء عدة من جسمه، كما طلب عقوبة السجن سنتين لحيدر، عملاً بالمادة 222 من قانون العقوبات، لمساعدتها الجاني على الهرب من مكان الجريمة بعد اقترافها.

فصول هذه الجريمة، التي هزت الرأي العام اللبناني عند وقوعها، بدأت على أوتوستراد طريق المطار وانتهت في الصيفي- الجميزة، بعد أن حصل إصطدام بين سيارة لينا حيدر، التي كان يرافقها طارق يتيم، وسيارة جورج الريف الذي كان ينقل زوجته رلى بو صالح من مركز عملها في ​مطار بيروت الدولي​، حيث عمد كل من الريف وزوجته إلى اللحاق بسيارة حيدر ويتيم التي فرّت من أمامهما تهرباً من المسؤولية، لمعرفة رقم اللوحة، وصولاً إلى محلة الجميزة، بعد أن دخلت حيدر في شارع مقفل غير نافذ، وعندها ترجل يتيم من سيارة حيدر باتجاه سيارة الريف وزوجته، وأقدم على إرتكاب جريمته.

في الجلسة السابقة، اعتبر وكيل يتيم المحامي أنطوان طوبيا أن رلى بو صالح هي من يجب محاكمتها لأنها مسبب الجريمة، بسبب اصرارها على ملاحقة سيارة يتيم بعد حادث سير بسيط، مشيراً إلى أن يتيم يعاني من طفولة صعبة وقد تربى في ميتم وتعرض لمحاولة ذبح مما سبب له حالة من الصراع الدائم، كما أنه يتعاطى حوالي 40 سيجارة حشيشة في اليوم الواحد، إلى جانب احتساء الكحول، بالاضافة الى تناوله أدوية، ما يسبب له التوتر وحالة من العصبية الشديدة، لافتاً إلى أن المواد الجرمية غير كافية، كونه لا معرفة مسبقة بين موكله والريف، مطالباً بمنع محاكمة يتيم وفق المادة 549 التي تنص على الإعدام، ومحاكمته استناداً الى المادة 550 التي تنص على عقوبة السجن مدة 7 سنوات كحد أقصى، في حين طالب يتيم البراءة لصديقته حيدر ولنفسه الشفقة والرحمة.

وكانت هذه القضية قد شهدت العديد من الفصول البارزة، أبرزها تعليق وكيل يتيم مشاركته في الجلسات، 5 مرات، إحتجاجاً على "تدخل" وزير العدل ​سليم جريصاتي​ في هذه القضية، ومطالبته بتسريع النظر بالدعوى، إلى حين قررت المحكمة، في 3 تشرين الأول، توجيه كتاب الى ​نقابة المحامين​ لابلاغها عن تغيّب طوبيا عن جلسات المحاكمة المرجأة لمرافعته وذلك لاتخاذ التدبير المناسب أو تكليف محام للدفاع عن المتهم يتيم والظنينة حيدر، إلا أن طوبيا كان قد عاد عن مقاطعته في الجلسة السابقة التي قدم مرافعته فيها.

وفي حديث لـ"النشرة"، وصف وكيل يتيم الحكم بـ"المشوه"، مشيراً إلى أن الجميع يعلم حتى رئاسة المحكمة بتدخلات وزير العدل في هذا الملف، بعد أن زارته زوجة الريف في مكتبه، لافتاً إلى أننا "اليوم نحن ندفع الثمن وهذا أمر معيب".

وشدد طوبيا على رفضه العنف والإجرام، قائلاً: "الله يرحم جورج الريف"، موجهاً الإتهام إلى زوجته بالوقوف وراء الجريمة بسبب إصرارها على ملاحقة سيارة يتيم بالرغم من أن غرفة العمليات في ​قوى الأمن الداخلي​ طلبت منها أخذ رقم لوحة السيارة فقط، وحذرتها من ملاحقة السيارة، مؤكداً أن "الجريمة لا تستحق حكم الإعدام مع إحترامي للقاضي".

وأكد طوبيا أنه سيميّز الحكم الصادر أمام ​محكمة التمييز​، مشيراً إلى أنه أمامها ستكون هناك جدية في متابعة الملف وصرامة في إصدار حكم ينصف الجانبين بعيداً عن التدخلات السياسية.

من جانبها، تصف بو صالح، في حديث لـ"النشرة"، الحكم الصادر عن المحكمة اليوم بـ"الإنتصار"، لا سيما بعد الضغوطات والتهديدات التي تعرضت لها على مدى الأشهر السابقة، قائلة: "معروف من يقف خلف طارق يتيم وخلف المماطلة التي حصلت في القضاء"، مضيفة: "اليوم أهدي الإنتصار للشعب اللبناني لأن هذه القضية تعني كل منزل لبناني قد يتعرض للإجرام".

وأشارت بو صالح إلى أن هذا الحكم يضع حداً لكل الزعران ولكل المحسوبيات لأن الأزعر الكبير هو من يدعم هؤلاء ويدفعهم إلى إرتكاب جرائمهم.

على صعيد متصل، تنفي بو صالح الإتهامات التي وجهها لها وكيل يتيم بأنها المسبب لهذه الجريمة، مشيرة إلى أنه عند حصول الحادثة لم تكن تعلم هوية يتيم أو صديقته، وأبلغت مباشرة غرفة العمليات في قوى الأمن الداخلي كونها تعمل مفتشة في مطار بيروت الدولي، وهي بسبب وظيفتها معرضة لحصول أي إعتداء عليها، مضيفة: "الجريمة مصورة وأنا كنت أصرخ وأطلب من يتيم أن يتوقف لأن زوجي أب لعائلة، وبالتالي لا يستطيع المحامي أن يوجه لي مثل هذه الإتهامات".

في المحصلة، أسدلت محكمة الجنايات في بيروت، اليوم، الستار عن هذه الجريمة التي هزت الرأي العام اللبناني، بانتظار ما قد يحمله "التمييز" إن تقدّم به طوبيا من مستجدات، على أمل أن يكون الحكم الصادر بحق المتهم رادعاً لمنع وقوع جرائم مماثلة في المستقبل.