ميّز الله ​شهر رمضان​ على سائر الشهور في السنة، وخصّه بمزايا كبيرة وفضائل كثيرة، فيكفي أنّ الله أنزل كتاب القرآن الكريم فيه لنعرف مدى التميز الذي أعطاه إياه. في هذا الشهر فرض الله الصيام على المؤمنين، فالصوم صحة، ونادى فيه بالدعاء إذ جعل الله هذا الشهر شهر التوبة والمغفرة وتكفير الذنوب والسيئات.

هو شهر مبارك...

يتسلح الشيخ ​حسين عبدالله​ بخطبة رسول الله محمد في استقبال شهر رمضان للاستدلال على أهمية وعظمة هذا الشهر الكريم، إذ قال النبي محمد: "أيها الناس إنه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة، شهر هو عند الله أفضل الشهور، وأيامه أفضل الأيام، ولياليه أفضل الليالي، وساعاته أفضل الساعات، هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله، وجعلتم فيه من أهل كرامة الله، أنفاسكم فيه تسبيح، ونومكم فيه عبادة، وعملكم فيه مقبول، ودعاؤكم فيه مستجاب...". ويرى الشيخ عبد الله أنّ النبي وصف بهذه الكلمات هذا الشهر المبارك فحدد برنامج كل انسان مؤمن صالح، معتبرا في حديث لـ"النشرة" ان ميزة هذا البرنامج هي بشموليته ففيه الشق الديني الايماني، الشق العائلي الاجتماعي، رعاية الايتام، تحسين الخلق والتكافل بين المسلمين.

من جهته، يثني مدير الأوقاف في دار الفتوى الشيخ ​هشام خليفة​ على هذا الكلام، معتبرا في حديث لـ"النشرة" أنّ أهمية شهر رمضان المبارك ليست فقط لأنه يتعاطى بالأمور العبادية والامتناع عن الاكل والشرب بل لأنه شهر العمل والعلم والاخلاق والصبر والوحدة. ويقول: "في بلد واحد الكل يتناول طعام الافطار في نفس الوقت والكل يصوم يوما كاملا، والكل يشعر بمشاعر الجوع والخضوع لله تعالى، فلا أحد من المسلمين يزاحم أو يتكبر".

غاية الصوم..

غاية الصوم حسب الشيخ عبدالله هي ما قاله النبي محمد بأنّ أفضل أعمال هذا الشهر "الورع عن محارم الله"، أي الابتعاد عن كل ما يمنع عنه الله تعالى فالأهمية ليست للامتناع عن الاكل والشرب فقط بل الامتناع عن محارم الله كالظلم والنميمة والافتراء والاعتداء على حرمات الناس وكراماتهم وغيرها من الامور. وللتأكيد على هذا الأمر، يستعين الشيخ عبد الله بكلام الامام الصادق: "إذا صمت، فليصم سمعك وبصرك من الحرام والقبيح، ودع المراء وأذى الخادم، وليكن عليك وقار الصيام، ولا تجعل يوم صومك كيوم فطرك". ويرى الشيخ عبد الله أنّ هذا ما نحن بحاجة إليه اليوم سواء في المجتمع الصغير أي العائلة أو المجتمع الكبير أي الوطن والامة.

اما الشيخ خليفة فيشير إلى أنّ شهر رمضان هو شهر الرقي الاجتماعي والديني والأخلاقي وهو مدرسة جامعة لكل المعاني الاجتماعية والاقتصادية (عبر الزكاة والصدقات واطعام المساكين). ويعتبر خليفة أنّ أخلاق شهر رمضان تميزه، مستذكرا قول محمد رسول الله: "الصيام جنة، وإذا كان أحدكم يوماً صائماً فلا يرفث ولا يجهل، وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إني صائم، إني صائم".

شهر رمضان يجمع المسلمين

شهر رمضان هو دعوة جامعة للوحدة بين المسلمين وهذا واجب شرعي من قام به أرضى الله تعالى ومن خالفه وعمل على الشرذمة فقد أغضب الله. بهذ الكلمات، يدعو الشيخ هشام خليفة للاستفادة من شهر رمضان، والعمل على الوحدة بين المسلمين بالقول والفعل والتصرف. ويلفت الشيخ خليفة إلى أنّ أخلاق شهر رمضان هي ما تحتاجه أمتنا اليوم بظل دعوات التطرف، ففي رمضان فرض الله الصيام ولكنه لم يفرضه على المريض أو المسافر وهذا يظهر الاعتدال، إذ إنّ ​الاسلام​ ليس متشددا كما يحاول البعض تصويره اليوم.

ومن جهته يؤكد الشيخ عبدالله أنّ شهر رمضان المبارك يجمع كل المسلمين تحت رايته ومعانيه إذ لا اختلاف بين المذاهب الاسلامية وهو ملتقى لجميع المسلمين في الامة.

في الصومِ وقاية من المأثم، ووقاية من الوقوع في عذاب الآخرة، ووقاية من العلل. وفي هذا الشهر علينا جميعا أن نعمل لانهاء الفقر والجوع واطعام المساكين وكفالة الايتام وهنا اهمية شهر رمضان المبارك فكما قال رسول الله في خطبته الشهيرة: "تصدّقوا على فقرائكم ومساكينكم، ووقرّوا كباركم، وارحموا صغاركم.. ومن أكرم فيه يتيماً أكرمه الله يوم يلقاه.. أيّها النّاس من فطّر منكم صائماً مؤمناً في هذا الشّهر كان له بذلك عند الله عتق رقبة، ومغفرة لما مضى من ذنوبه..."