تحت عنوان الإغتصاب تندرج عندنا كلّ العناوين والدلالات والمعاني والنشاطات، في شتى مجالات الحياة وشؤونها.

نعم... أنا أتكلم على السياسة والرئاسة والإقتصاد والإجتماع، وعلى الحكم والحكومة والحقائب والرواتب والوزارات والنيابات... وعلى كل ما عندنا من تعاسة وخساسة في الممارسات السياسية والسلوك الإنساني.

والإغتصاب بمختلف أشكاله الفاحشة، يتسرَّب الى المجتمعات عبر الإنحلال الديني والإنفلات القانوني والإنهيار الأخلاقي، وهو يعني حسب التحديد العلمي واللغوي أن تنتزع من الآخر ما تشتهيه أنت بالقهر والظلم والعنف، من دون احترام حرية الآخر وحقوقه الشخصية.

كل ممارسة تنطبق على هذا التحديد هي نوع من الإغتصاب، سواء كانت ممارسة سياسية أو إجتماعية أو مهنية أو جنسية، ويعتقد علماء النفس أن معظم الذين يرتكبون جريمة الإغتصاب تحرِّكهم نزعة الإحساس بالكره للمجتمع الذي يعيشون فيه.

والمجتمعات التي تعاني أزمة التفكُّك والشك والإضطراب الديني والقانوني والأخلاقي، أكثر ما تتفشَّى فيها جرائم الإغتصاب وفي طليعتها اغتصاب السلطة، وإذ ذاك يصبح كل اغتصاب مباحاً، اغتصاب جسد الآخر وجسد الأخرى وحقوق الآخر والأخرى بواسطة الإرهاب السياسي أو الإرهاب الأمني أو الإرهاب الجنسي.

نحن منذ سنة 1975 على الأقل نعيش حالة اغتصاب سياسي عبر كل القوانين الإنتخابية التي فُرِضَتْ علينا بالقهر والإكراه وانتهاك إرادة الشعب وحرية الآخر وخصوصيته، والمجلس النيابي الذي يمدِّد لنفسه بعد انتهاء ولايته المشبوهة يمارس جريمة اغتصاب مزدوج، حتى أَدَّى ذلك الى إصابة الجسم الوطني بمرض فقدان المناعة فاستشْرت معه آفة العدوى.

وإذا جرائم الإغتصاب السياسي والقانوني والجنسي تنتشر بين أعلى وأدنى، واختلطت الأجناس فيما بينها، وانتهكت الأنوثة بالإرهاب الأسري والعنف المنزلي وزواج القاصرات، تماماً كما كانت الطبقة الأرستقراطية تتعامل مع المرأة في القرن السابع عشر، فإذا هي معبودة قبل الزواج، وبعد الزواج سلعة وخادمة أو هي ضحية الحرمان الذي أعلن عنه أحد الصيادلة بأنه لم يكن له علاقة مع زوجته إلا في أسبوع الآلام وعلى سبيل التكفير.

كل جريمة إذا تغاضى عنها عقاب القانون تستفحل وتستمرّ، وهناك دول تصّنف الإغتصاب من الجرائم الجنائية الكبرى، فيما بعض الدول العربية والإسلامية لا تزال تطبّق عقوبة الجَلْد.

ولأننا نحن في بلد عربي الهوية والإنتماء وقد تحوَّل عندنا الإغتصاب الى استراتيجية شاملة من البغاء السياسي والجنسي، فلا بدّ من أن نطبّق عقوبة الجلد ضد جرائم الإغتصاب السياسي على الأقل، تيمناً بالقانون العربي الإسلامي، أو تيمناً بالسوط الذي استعمله المسيح يوم جعلوا من بيته مغارة للصوص.