في زيارته الأخيرة إلى لبنان، كان رئيس الحكومة السابق ​سعد الحريري​ حاسماً بأن عودته إلى البلاد "نهائية"، لكن ما هي إلا ساعات قليلة حتى جاءت الأنباء عن مغادرته عبر مطار بيروت الدولي من جديد.

لم يمضِ رئيس الحكومة السابق في لبنان أكثر من يومين، بعد أكثر من ثلاث سنوات على الغياب، لكن في أوساط كتلة "المستقبل" النيابية هناك تأكيد جازم بأن "الشيخ" عائد قريباً إلى بيروت، بالرغم من عدم تقديمها مبرارت منطقية لغيابه اليوم عن الساحة السياسية، فهي تكتفي بالقول: "لكل سياسي لبناني جولات خارجية بين الحين والآخر".

داخل كتلة "المستقبل"، هناك من النواب من لا يملك جواباً واضحاً عن موعد عودة "الشيخ" المرتقبة، ليس هناك من ملفات عاجلة تستدعي هذه العودة في الوقت الراهن. تم الإنتهاء من ملف دار الفتوى الذي كان يهدد بالوصول إلى مرحلة يتم فيها الإعلان عن وجود مفتيين للطائفة السنية، وموضوع الإنتخابات النيابية محسوم بالتمديد، أما بالنسبة إلى الإنتخابات الرئاسية فلا جديد حتى الساعة، باستثناء بعض الإتصالات والمشاورات التي لم تصل إلى أي نتيجة من الممكن أن يعول عليها. كما أن ليس هناك من رغبة لدى تيار "المستقبل" بفتح حوار مع "حزب الله"، او بتقديم أي تنازل لحلحلة أي من الملفات العالقة. الوضع مريح أكثر من السابق بالنسبة إلى التيار الذي يقلقه الوضع داخل الطائفة السنية أكثر من أي أمر آخر، وهو من أجل ذلك يعمد إلى إتخاذ بعض الإجراءات على أرض الواقع، خصوصاً بعد أن تبين بشكل واضح الخطر الذي باتت تمثله المجموعات التكفيرية في بعض المناطق المحسوبة عليه، لكن كل ذلك لا يعني أن معالجتها أمرٌ بسيطٌ، مع وجود منافسة بشكل قوي وسط أجواء متضاربة على المستوى الإقليمي.

وسط كل ذلك، يتحدث البعض أنّ عودة الحريري الثانية ستكون تحت عنوان كبير، فبعد أن كانت أحداث عرسال الدموية ودعم الجيش بهبة مليارية من المملكة العربية السعودية بوابة الزيارة الأولى، يرى هؤلاء أن الإنتخابات الرئاسية ستكون بوابة الزيارة الثانية على الأرجح، مع أجواء توحي بهذا الأمر، تحت مظلّة زيارة مساعد وزير الخارجية الإيرانية عبدالله اللهيان إلى الرياض، مع وجود مؤشّرات ايجابية تحدّثت عن نتائج هذه الزيارة، من الممكن البناء عليها مستقبلاً لمعالجة بعض الملفات الإقليمية العالقة.

وتعتبر المصادر أن نجاح رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بتشكيل حكومة تضم مختلف المكونات، في وقت قريب، سيكون النقطة الأبرز حيال إمكانية البحث عن حل قريب على الصعيد اللبناني، خصوصاً أن هناك إتفاقاً سعودياً إيرانياً غير معلن على إبقاء الأوضاع في بيروت تحت السيطرة نسبياً، في حين أن الولايات المتحدة الأميركية لن تكون معارضة لأي أمر يساعد على إنتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية بأسرع وقت ممكن، مع تقدّم عامل محاربة الإرهاب، الذي بات يهدد بالإنتقال إلى بعض البلدان الحليفة لها، كالأردن والسعودية بشكل أساسي، ويشكّل أولوية الأولويات بالنسبة إليها.

في المحصلة، بات المطلوب من لبنان لعب دور قد يكون أكبر من حجمه على صعيد مكافحة الإرهاب، ومن هنا يأتي الحديث عن مساعٍ لتسليح الجيش، فهل يكون إنتخاب رئيس قوي للجمهورية هو المقدّمة؟