الحديث عن عرسال PART 2 وفي سيناريو جديد واسلوب مختلف عن عرسال الأولى قبل نحو شهر صار مطروحاً في كل الأوساط ووفق كل التوقعات فان شيئاً ما سيحدث تقول مصادر متابعة للملف وان المسلحين القابعين في الجرود العرسالية ومخيمات النازحين السوريين يستعدون لجولة اخرى ربما ستكون اعنف من الأولى، ومؤشر ذلك ما يتم التداول به عن تعزيزات للمسلحين وتزايد في اعدادهم ومن رصد ظهور لـ«داعشيين» داخل مخيمات النازحين في عرسال، وقد تم وضع مجلس الوزراء الأخير امام حجم المصيبة «الداعشية» واخطارها وتهديداتها للساحة الداخلية، حيث تفاجأ الوزراء بالتقارير التي ساقها زملاؤهم عن الوضع الأمني وهول شبح «داعش» الذي يسعى الى التغلغل في العمق اللبناني تحضيراً للضربة الكبرى وفق السيناريو «الداعشي».

ومن هنا فان ثمة وجهتي نظر في السياسة الداخلية تقول المصادر لا تزال تتأرجحان حول التعاطي مع قضية «داعش»، فالنظرية الأولى السائدة لدى فريق واسع بأن «داعش» اللبنانية لا تشبه «داعش» الشرق الأوسطية وبالتالي فان الوضع اللبناني سيبقى مضبوطاً وبالتالي فان لبنان لا يمكن ان يكون سيناريو مكرراً لأحداث العراق وسوريا، في حين ان النظرية الأخرى تتعاطى مع الخطر «الداعشي» على درجة كبيرة من الخوف والحذر من انفلاش الامور بشكل دراماتيكي وعدم امكانية حصرها.

وما بين النظريتين فان الواقع الذي لا يمكن انكاره كما تقول المصادر فان الجولة الثانية في عرسال اذا صحت التوقعات لا تشبه الجولة الأولى من حيث المواجهة، ولكن ذلك لن يؤدي بأي شكل من الاشكال الى سقوط عرسال او اي منطقة لبنانية اخرى بيد المسلحين التكفيريين لجملة اسباب:

- ان معركة عرسال الأولى حملت عنصر المباغتة في التوقيت على خلفية توقيف احد القياديين الإرهابيين، وكشفت ارقام المسلحين المتواجدين في الجرود وتحصيناتهم العسكرية وترسانتهم الامنية التي تبين انها قوية ومعززة بالأسلحة المتطورة في حين ان القوى الأمنية وتحديدا المؤسسة العسكرية اليوم باتت على عينة من قدرة هؤلاء لا بل فان المؤسسة العسكرية باتت تضع في حساباتها إحتمالات اخرى في حربها مع المنظمات الاصولية.

- التلاحم الداخلي والانصهار الوطني الذي بات اقوى من ذي قبل، خصوصاً ان فتاوى «داعش» وتهديداتها تطال كل الفئات والطوائف، فإعدام العسكري الذي ينتمي الى الطائفة السنية يدل على ان إجرام «داعش» لا يميز بين احد ولا يوفر اي فريق واي جهة.

- القرار الاقليمي بمواجهة الارهاب حيث ان الغرب بات اليوم يخشى من انتقال «داعش »لاحقاً اليه.

- ان معركة «داعش» في عرسال لا تشبه معاركها في العراق او تلك الجارية في المناطق السورية، فهي لم تخض معركة في اي منطقة وانسحبت او تراجعت عنها بشكل سريع على النحو الذي جرى في عرسال، فالزحف «الداعشي» على منطقة ما لا يتوقف على غرار ما هو حاصل في الوصل او الرقة السورية وغيرهما إلا بعد سقوطها بالكامل وبعد ان يتم تدميرها ونشر الخراب فيها، في حين ان معركة عرسال اتنهت بانسحاب المسلحين منها تحت وطأة نيران الجيش والمواجهة الشرسة التي وقعت مع المسلحين والتي كبدتهم خسائر كبيرة، ولولا خشية المؤسسة العسكرية على النازحين السوريين واهالي عرسال لأمكن القول ان المعركة كانت ستكون أقوى.

يمكن القول كما تضيف المصادر ان المؤسسة العسكرية التي منيت بخسارة خيرة ضباطها وعناصرها واسر جنودها أوقفت الزحف «الداعشي» ومنعت المسلحين التكفيريين من إقامة «إمارتهم الإسلامية» وهي التي كانت ستقوم بعد السيطرة على عرسال على التمدد نحو القرى البقاعية لإرتكاب المجازر فيها ومن ثم التوسع نحو الشمال للسيطرة على البوابة البحرية. ويعني ذلك ان «داعش» رغم كل التهويل الحاصل وقياساً بكل وحشيتها وانجازاتها الإرهابية في العراق وفي سوريا، إلا ان النسخة «الداعشية» اللبنانية لا تشبه النسخة الأخرى لها، وبالتالي يمكن القول ان الإرهاببين لا يملكون في الملف اللبناني إلا ورقة الأسرى العسكريين، ومن جهة اخرى فان حزب الله الذي لم يتدخل في معركة عرسال لا من قريب ولا من بعيد بل ترك المؤسسة العسكرية تخوض المواجهة مع المسلحين حتى لا يتم تحميله وزر تلك المعركة، فان حزب الله إذا ما اقتضت الحاجة اللبنانية لن يقف مكتوف الأيدي ومتفرجاً على سقوط المناطق اللبنانية في ايدي «الداعشيين» وهو الذي خاض معركة سوريا منعاً لانتقالهم وتسللهم الى لبنان.

من هنا تؤكد المصادر فان الوضع اللبناني على خطورته ومفاجآته لا يمكن القول بأنه الأسوأ، لأنه جرى حتى الساعة تفشيل مخطط «داعش» لإقامة «الإمارة الإسلامية» الموعودة وتطبيق الشريعة الإسلامية وفتاوى القتل والإعدامات وكل ما هو جار ومعمول به في العراق وسوريا.