على غير المعتاد، لم تبدأ الدراسة في مدرسة بيت حانون شمال قطاع غزة إحدى مدارس الـ"أونروا" مع بداية العام الدراسي الجديد في قطاع غزة(1)، إذ ما تزال تأوي عددًا من النازحين الذين دُمرت بيوتهم خلال ​العدوان الإسرائيلي​ الأخير والّذي استمرّ 51 يومًا على القطاع.

وعاد نحو نصف مليون طالب وطالبة إلى مقاعد الدراسة، ويقول الطلبة أنّ هذا العام مصبوغ بالدم والألم بسبب فقدان الشهداء الأطفال في مختلف مدارس غزة، التي لم تسلم من استهداف قوات الاحتلال لها.

أين نذهب؟

ويقول الفلسطيني أحمد خليل، إنه اضطر للبقاء في المدرسة هو وأفراد أسرته الثلاثة عشر، رغم بدء العام الدراسي، إذ دمر الاحتلال منزله المكون من ثلاثة طوابق في شمال مدينة بيت حانون شمال قطاع غزة، وأصبح مشرّدًا وبلا مأوى.

وفي حديث إلى "النشرة"، يقول خليل: "لا أعرف أين أذهب، حياتنا كلها تغيرت، لي أطفال عليهم الذهاب إلى المدرسة، كغيرهم من الطلبة لكنني صدقاً لا أستطيع أن أوفر لهم الزي المدرسي أصلاً، والمواصلات".

ويضيف: "الأمل موجود في إعادة الإعمار، لكننا سنبقى موجودين في المدرسة، لأننا لا نعرف أين نذهب".

فقدان الزملاء

وفي داخل الفصول، تكشفت قصص وحكايات الأطفال الذين استشهدوا خلال العدوان، إذ بدت مقاعدهم الدراسية فارغة وكُتبت أسماؤهم عليها من خلال لافتات وضعت على أماكنهم، فضلاً عن صورهم التي عُلقت على جدران المدارس وحملها زملاؤهم الأطفال وهم يبكونهم بألم وحسرة على فقدانهم.

الطفلة ابتسام أبو راية تقول إنها لم تكن تعرف أنّ زميلتها مادلين أبو طويلة (10 أعوام) التي كانت تشاركها دراستها وتفاصيل حياتها المدرسية استشهدت، وأنها وفور دخولها الفصل الدراسي تفاجأت بأنّ اسمها أصبح موضوعاً على لافتة من ضمن قوائم الشهداء.

وفي حديث إلى "النشرة"، تقول ابتسام: "كانت بمثابة الصدمة بالنسبة لي، لم أتوقع أن تستشهد مادلين التي كانت من أعز زميلاتي وصديقاتي، اليوم بكيتها بحسرة وسأبقى أفتقدها في المدرسة التي كنا نتشارك فيها الدراسة واللعب والطعام والشراب".

دعم نفسي..

"الخوف والرعب لا يزال يسيطر على مئات الأطفال"، هكذا يقول أحد المعلمين وهو عبدالله النفار، بسبب تعرّضهم للصدمات النفسية الحادة خلال العدوان، ويلفت إلى أنهم لاحظوا ذلك من خلال تعاملهم معهم في اليوم الأول من بدء العالم الدراسي.

وفي حديثه لـ"النشرة"، يقول النفار: "رغم ذلك سنعمل على دعم الطلبة نفسياً بشتى الطرق والوسائل، إضافة إلى تنفيذ بعض النشاطات الترفيهية والفعاليات المختلفة للتفريغ النفسي".

ويتمنى النفار استمرار العام الدراسي، دون حدوث أي اشكاليات أو عدوان من قبل الاحتلال، رغم أنهم يدرسون في مدارس تعرضت للقصف وتسببت في إحداث أضرار جسيمة في فصولها الدراسية.

وإذا كانت مشاهد الحرب والدمار ستبقى معلقة في أذهان الطلاب الأطفال، فإنّ الرهان هو على حصص الدعم النفسي التي خصّصتها وزارة التربية والتعليم في الأسبوع الأول من العام، لعلها تساهم في تفريغ الكبت الموجود بداخلهم، رغم صعوبة واقعهم..

(1)بدأ العام الدراسي في جميع مدارس قطاع غزة، باستثناء عدد منها في مدينة رفح جنوب القطاع والمنطقة الوسطى وغزة وشمالها وثماني مدارس في بيت حانون بعد أن رفضت آلاف الأسر من النازحين المدمرة منازلهم إخلاءها، تمهيداً لاستئناف الدراسة فيها لأنّهم بلا مأوى، ما تسبب في حرمان 9600 طالب وطالبة من التعليم وفقاً لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا".