ضحك الصحافيون لدى سماعهم أحد النواب يمازحهم قبل الجلسة التشريعية بالأمس بقوله أنّ "السلسلة طارت"، فكلّ المعطيات كانت تشير إلى أنّ إقرار ​سلسلة الرتب والرواتب​ أصبح واقعًاً، خصوصًا بعد الصولات والجولات والاجتماعات التي دارت في الأيام الماضية، فماذا حصل في الساعات الاخيرة التي سبقت انعقاد الجلسة؟

تشير مصادر نيابية مطلعة على مسار المشاورات التي سبقت الجلسة التشريعية، إلى أنّ الليلة الماضية حملت معها أمورًا مستجدّة جعلت رئيس المجلس النيابي نبيه بري يحيل السلسلة إلى اللجان النيابية. وفي التفاصيل كما ترويها المصادر لـ"النشرة": "ما قبل الساعة التاسعة من مساء يوم الثلاثاء، كانت الامور متجهة نحو التوافق على إقرار السلسلة، ولكن بعد الساعة التاسعة تبدلت الامور، فقيادة الجيش اللبناني أبلغت وزير المال علي حسن خليل خلال زيارته لقائد الجيش جان قهوجي مساء الثلاثاء، برفضها المطلق للأرقام الواردة في السلسلة، وكذلك أبلغت قيادة الجيش عبر ضباط زاروا النائب جورج عدوان، الموقف نفسه مما جعل الأمور تنقلب رأسًا على عقب وقد تبلغت جميع الكتل بهذا الرفض".

وتضيف المصادر: "بعد رأي قيادة الجيش اللبناني، كان من المستحيل المضي بالسلسلة كما كان متفقا عليه، لأنّ أحداً لا يريد الصدام مع المؤسسة العسكرية في هذه الظروف الصعبة التي نمر بها"، وتشير إلى أنّ هذا الامر دفع بوزير الدفاع سمير مقبل إلى طلب فصل سلسلة العسكريين عن موظفي القطاع العام.

إضافة الى رفض القيادة العسكرية للسلسلة، تتوقف المصادر النيابية عند الخلاف الذي ظهر بين مكونات هيئة التنسيق النقابية، وتجلى باحتجاج أساتذة التعليم الثانوي على منح معلمي مرحلة التعليم الابتدائي والمتوسط الدرجات الست نفسها التي أعطيت للأساتذة الثانويين، محمّلة إياهم جزءًا من مسؤولية تطيير السلسلة، خصوصًا بعد تحذير بري لهم بأن هذا النوع من الخلافات سيعيد السلسلة الى اللجان النيابية.

وفي هذا السياق، يرى نقيب المعلمين في التعليم الخاص ​نعمة محفوض​ أنه لم يكن ممكنا لأحد أن يرضى بالسلسلة فيما لو أُقرت دون إعطاء معلمي التعليم الخاص حقوقهم، معتبرًا في حديث لـ"النشرة" أنّ المشكلة الأساسية التي جعلت السلسلة تُحال إلى اللجان هي مسألة العسكريين والمطالبة بفصل سلسلتهم عن سلسلة موظفي القطاع العام.

ويضيف: "سنعطي اللجان المشتركة مهلة عشرة أيام كي تجتمع وتبحث السلسلة، أما اذا تأخروا فذلك يعني أنّ أمرًا ما يُحاك بهذا الملف ويمكن القول عندها أن السلسلة قد تطير"، ويشدّد على وحدة الموقف داخل هيئة التنسيق، ورافضا كل ما يُحكى عن خلافات داخلية ادت لتأجيل البت بملف السلسلة.

أصبح مصير سلسلة الرتب والرواتب مجهولا بعد إحالتها إلى اللجان النيابية، فرغم حماسة البعض تعتبر المصادر أنّ الجلسة التشريعية لم يكن هدفها التشريع بالملفات الكبيرة والعالقة بقدر ما كان الهدف منها إعادة فتح مجلس النواب واطلاق العمل التشريعي كجزء لا يتجزأ من صفقة التمديد للمجلس النيابي، اما بالنسبة للجان النيابية فلم يُحدد بعد موعد انعقادها.

ولدى السؤال عن جلسة تشريعية قريبة لبحث السلسلة مجددا، يأتي الجواب بأنّ أولى الجلسات التشريعية ستكون في الواحد والعشرين من هذا الشهر وسيتم تخصيصها لانتخاب اعضاء اللجان النيابية اضافة لبعض الامور المالية وعلى رأسها "سندات يورو بوند"، وستليها جلسة اخرى ستكون إما لتعديل قانون الانتخاب تمهيدا لاجراء الانتخابات النيابية في موعدها وإما لاقرار التمديد للمجلس النيابي وهو الامر الاقرب الى التنفيذ حاليا.