يمارس رئيس الحكومة تمام سلام سياسةُ الدبلوماسية الهادئة سواء مع سياسيي الداخل أو في علاقاتهِ مع الدبلوماسيين أو في لقاءاتهِ الخارجية خلال زياراتهِ الرسمية.

على المستوى الداخلي، كم من مرة سُمِع وزيرٌ يقول:

لولا صبر الرئيس تمام سلام ورباطةِ جأشه وإدارته لجلساتِ مجلس الوزراء كمن يسير في حقلِ الألغام، لكان مجلس الوزراء انفجر منذ زمن.

تمام سلام انتهج استراتيجية إطفاء المحرك وإعادةِ تشغيلهِ منذ لحظة تسميته لتشكيل الحكومةِ وصولاً إلى اليوم، فحين كان يكفهر الجو السياسي يعمدُ إلى إطفاء محركهِ تحاشياً للمضاعفات، ثم يعيد تشغيله لمعاودة العمل.

وسأل مراقبون:

أيُ رئيس حكومةٍ يحتمل وجود 24 رأساً في وزارته؟

هذا في السلاسة داخل الحكومة، فماذا عن العلاقة بمختلفِ الأطرافِ وتحديداً في المعارضة؟

الرئيس تمام سلام لا يميزُ في تعاطيه مع الأفرقاء الداخليين بين مَن هو موالٍ ومَن هو معارض، هو يعامل الجميع على قدم المساواة وعلى قاعدةِ أن السلطة التنفيذية للجميع.

على مستوى استراتيجية العلاقة مع الخارج، سلك الرئيس تمام سلام النهج الذي رسخَّه مَن سبقهُ في رئاسة الحكومة، ولا سيما الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ثم الرئيس سعد الحريري، فكان هناك صرح من العلاقات الراسخة بين لبنان وسائر الدول، ولا سيما منها الدول الخليجية الشقيقة. وهذا ما ظهر واضحاً في زيارته الأخيرة لإمارة دبي، فالحفاوة التي حظي بها دلَّت على عمقِ العلاقةِ الراسخةِ بين الإمارات ولبنان. أكثر من ذلك فإن الموقفَ الذي اتخذه إثر نهاية زيارتهِ التي توجها بلقاء نائبِ رئيس الإمارات رئيس مجلسِ الوزراءِ وحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد دلَّت على أن الدبلوماسية الهادئة التي ينتهجها تتحكَّم في كل أدائهِ. إذ قال:

نحن نتحرك في كل الإتجاهات بداية في الداخلِ لامتصاصِ ومعالجةِ كل الأمور التي تمر علينا اليوم، وربما لا تضعنا في مواقع مريحةٍ وفي إنجازات كبيرة، ولكن الحمد لله الأمن متماسكٌ في لبنان والوحدةُ الداخليةُ من وراء قوانا الأمنية موجودةٌ وأثبتت قدرتها على تجاوز المحنة، وخصوصاً في الأشهر الماضية، وبالتالي علينا أن نسعى في كل الإتجاهاتِ خارج لبنان، وبالمناسبة لن نوفرَ بلداً ولن نوفرَ فرصةً هنا أو هناك إلا ونتابعها ونسعى إلى الإستفادةِ منها وتوظيفها في تحصينِ بلدنا.

في لقاءات دبي تأكد الرئيس سلام ان الإمارات هي البلد الثاني للبنانيين، بكل ما للكلمة من معنى، وهو شرحَ ذلك بإسهابٍ من خلال قوله:

لمست خلال لقائي الجالية اللبنانية أنها في الإمارات تنعم برعايةٍ خاصةٍ وباحتضانٍ خاص من الشعب والقيادات الإماراتية، وهذا ليس بجديد، فهو ما ساعد الجالية على الإستقرار والإنتاج، والعديد من أفرادها يساهمون اليوم بشكلٍ فعالٍ ومباشرٍ في كثير من المشاريع والإنجازات الكبيرة.

لم يكتفِ الرئيس سلام بهذه الإشادة، بل دخل في صلب موضوعٍ يبدو أن البعض طرحه عليه في معرض تسهيل التأشيرات، فكان جوابه في غاية دبلوماسيته المعهودة والشفافة حيث قال:

ما يتم الحديث عنه من وقت إلى آخر من تسهيلات لقدوم أو خروج أو سفر اللبنانيين إلى الإمارات أو منها، فهذا من ضمن ما تحرص عليه الإمارات من حضورٍ ووعيٍ ومتابعةٍ واستدراك للظروف التي تمر بها المنطقة وتتطلب الكثير من الإجراءات الحازمة والواضحة، ليس فقط تجاه اللبنانيين، إنما تجاه كل من يعبر ويمر في هذا البلد العزيز.

الرئيس سلام يُدخِل الوفاء في تعاطيه السياسي، فلا ينسى ما قدمته الإمارات للبنان منذ أيام الراحل الكبير والقائد العربي الفذ الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، وإلى يومنا هذا مع حامل الأمانة بعده الشيخ خليفة رئيس الدولة، ونائبه الشيخ محمد بن راشد، والشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي وسائر الإخوان، كلٌ من موقعه في مراتب المسؤولية. وقد شرح بإسهاب أن العلاقة مع دولة الإمارات قديمة وهي كانت قدمت في الماضي فرصاً إلى الأجهزة الأمنية اللبنانية للتواصل على مستوى التدريب والإطلاع على آخر ما توصلت إليه التكنولوجيا في موضوع الأمن. كذلك لم تقصّر في تزويدنا بالسلاح، ولا سيما الطوافات. وفي ظل ما يتهدد لبنان وما يقوم به الجيش، أعتقد أن الإمارات لم تقصّر أبداً في توفير المستلزمات العسكرية لهذا الجيش.

وكان تأكيد حرص الرئيس سلام على سلامة العسكريين المختطفين مثل حرصه على تأكيد العزم على محاربة الإرهاب من دونِ هوادة.

خلال زيارته لإمارة دبي، ترك الرئيس سلام بصمةً إيجابيةً سيكون لها تأثيرها الذي يعود بالخير على لبنان.