قد يعتقد البعض في لبنان أنّ مطالبة الممثل الدائم للمملكة العربية السعودية في مجلس الأمن بإدراج "حزب الله" على لائحة المنظمات الإرهابية نسفت كلّ ما كان يحاول القيام به رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس "الحزب التقدمي الإشتراكي" النائب وليد جنبلاط، على صعيد إعادة إحياء الحوار بين "حزب الله" و"تيار المستقبل"، لما في ذلك الحوار في حال نجحت هذه المحاولات من إنعكاسات إيجابية على الساحة السياسية الداخلية، لكن الإطلاع على حقيقة الأمور، يكشف النقاب عن معطيات كثيرة تعرقل عودة المياه الى مجاريها بين الفريقين، ويتبين أن المسؤولية فيها تقع على التيار الأزرق.

فمنذ إنطلاق الأحداث في سوريا، لا يخفى على أحد في لبنان، أنّ "حزب الله" إتخذ قراراً بعدم الظهور إعلامياً في مقابلات تلفزيونية مسجّلة أو مباشرة، وإقتصرت إطلالات قياداته كما نوابه ووزرائه على الإحتفالات التأبينية في الجنوب والبقاع (حيث تكون الكلمات مكتوبة مسبقاً ولا مجال فيها للنقاش مع الصحافيين ومراسلي المناطق)، وعلى ما يقوله الأمين العام السيد حسن نصرالله في كل مرة يطل فيها بحولة أفق على لبنان والمنطقة. حتى في هذه الإطلالات، كان الحزب يتجنب قدر الإمكان، التطرق لـ"تيار المستقبل" والتهجم على قيادته، "ليس لأن أداءها مثالي بالنسبة الينا"، يقول المقربون من الحزب، "بل منعاً لأي توترات مع قواعد التيار على الأرض، لا لزوم لها في ظل المعركة الكبرى مع الإرهاب".

أما في المقلب الآخر، فيرى المقربون من الحزب أن "ما من يوم واحد مرّ أو يمرّ من دون أن يتلقى الحزب فيه عشرات الهجومات السياسية من تيار المستقبل تارةً على ألسنة نوابه ووزرائه وتارةً عبر قياداته". اللافت في الأمر، إن هذه الهجومات لم تتوقف حتى بعد إعلان بري عن مبادرته الحوارية بين التيار والحزب، فهناك في التيار من حمّل ولا يزال مسؤولية جريمة بتدعي الفردية لـ"حزب الله"، متهماً إياه بتغطية المجرمين، كل ذلك وقيادة التيار تعرف جيداً من خلال وزيرها السيادي نهاد المشنوق، ما الذي يفعله الحزب على صعيد التنسيق الأمني، لمكافحة هذه العصابات المغطاة عشائرياً ووضع حد لنشاطها، تحديداً في منطقة البقاع الشمالي.

ليست جريمة بتدعي القناة الوحيدة التي استُعمِلت لاتهام "حزب الله" خلال الأيام القليلة الماضية، فهناك بينهم من علق على الكلام السعودي، معتبراً أن "ما يقوم به الحزب في سوريا والعراق، يمثل الإرهاب بحدّ ذاته لذلك فالكلام عن إدراجه على لوائح الإرهاب يأتي في محله". كل ذلك من دون أن ينسى "حزب الله"، كيف أنّ نواب التيار في البقاعين الأوسط والغربي، لم يتركوا شاشات التلفزة ولو للحظة في الأيام الماضية، وهم يتهمون الحزب وسلاحه بتغطية خاطفي بعض الشبان من آل الحجيري في تعلبايا، علماً أنّ هؤلاء النواب ومن هو أعلى منهم في "تيار المستقبل" على يقين بأن لا علاقة للحزب لا من قريب ولا من بعيد بخطف هؤلاء.

إذا بعد كل ما تقدم، يسأل المقربون من الحزب، "هل بهذه الأجواء الإتهامية يؤسس للحوار؟ وإذا كان للتيار كل هذه الإنتقادات على أداء الحزب فما النفع من الحوار؟" ويختمون: "إذا كان المراد من الحوار فقط رئاسة الجمهورية، فليذهبوا الى الرابية، لأن بهذا الملف، هناك من يفاوض عنا، وأول حرف من إسمه العماد ميشال عون".