يستعدّ مدير شؤون الشرق الأدنى وشمال افريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية فرنسوا جيرو لزيارة ​بيروت​ والبحث مباشرة مع المسؤولين ورؤساء الكتل البرلمانية في محاولة لتقريب وجهات النظر وتذليل العوائق التي حالت حتى الآن دون انتخاب رئيس جديد للجمهورية، بعد خلو القصر من رئيسه في 25 أيار الماضي. وتندرج زيارته في إطار المساعي التي تبذلها بلاده، وخصوصاً الرئيس فرنسوا هولاند من أجل الانتهاء من هذا الاستحقاق وعدم ابقاء الجمهورية من دون رأس.

زيارة جيرو لبيروت ليست الأولى، إذ سبق له أن زار عدداً من المسؤولين قبل تسعة أيام من نهاية ولاية الرئيس ميشال سليمان، أي في 16 أيار الماضي، فجال على الرؤساء وعلى كل من رئيس "اللقاء الديموقراطي" وليد جنبلاط ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع.

وتسأل باريس بعض أصدقائها من اللبنانيين، غير المرشحين المعلنين، عمّن يمكنه أن يكون مرشح تسوية بعدما عطّل استمرار ترشيح رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع انتخاب رئيس جديد للبلاد، وتغيب نواب التيار وحليفه "حزب الله" عن الجلسات التي دعا اليها الرئيس نبيه بري، وبلغ عددها 15 لانتخاب الرئيس.

وكان جيرو ينوي زيارة بيروت مطلع الأسبوع المقبل لكن تبين ان رئيس الحكومة تمام سلام سيزور بروكسيل الاثنين حيث سيلتقي مسؤولين بلجيكيين والمفوضة العليا للاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية والأمن فيديريكا موغريني ليبحث معها في علاقات لبنان بالاتحاد في ضوء المشاريع بين الجانبين، وسبل تطبيق تلك التي لم تنفذ، وسيركّز سلام على موضوع اللاجئين السوريين في لبنان. كما أن وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل يكون في جولة افريقية تقوده الى خمس دول، وبعودته الاثنين سيطلب جيرو تحديد مواعيد مع كل منهما ومع آخرين، اضافة الى عدد كبير من الزعماء الذين يمكن اعتبارهم مفاتيح انتخابية.

ولم يعد سرّاً أن الدول الكبرى الصديقة للبنان هي مع التعجيل في انتخاب رئيس للجمهورية، فيما الجنرال عون لا يرى أن تأخير انتخاب رئيس للبلاد يشكل خطراً، والمهم في نظره أن يكون الرئيس الذي سيعيد فتح أبواب بعبدا "قوياً"، أي ذا شعبية كثيفة وله تمثيل نيابي كبير في مجلس النواب، وهذان المطلبان ينطبقان عليه.

واللافت أمس في موقف السفير الأميركي ديفيد هيل ليس دعوته النواب الى الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، بل ما ورد في تصريحه بعد استقباله وفداً من الرابطة المارونية، ان انتخابه سيكون توطئة لدعم العالم له. والتقى السفير السعودي محمد عواض عسيري مع هيل على ضرورة الاسراع في إنجاز هذا الاستحقاق، وقال ذلك من عين التينة بعد اجتماعه مع الرئيس نبيه بري حيث تناول النقاش الحوار المتوقع بين "تيار المستقبل" والحزب الذي يسعى اليه رئيس المجلس، مع اختزال الشروط لمباشرته، وأن يكون الهدف انتخاب رئيس للبلاد، ما دام الخلاف بين عون وجعجع على حاله.

ولاحظ قيادي بارز أن النبرات والاشتراطات التي ظهرت منذ بدء الحديث عن الحوار بين "المستقبل" و"الحزب"، تراجعت، حتى أن أوساط عين التينة ذهبت الى التأكيد أن طاولة الحوار بين الطرفين ستلتئم بتوجيهات من الرئيس سعد الحريري، وليس من الرئيس فؤاد السنيورة الذي تردد لدى مقربين من قوى الثامن من آذار انه يضع الكثير من الشروط والمطالب ليس من السهل أن يقبل بها الحزب.