منذ اللحظة التي بدأت فيها محاكمات موقوفي عبرا، بنى محامو الدفاع عن رجال ​أحمد الأسير​ مطالعاتهم على أمرين أساسيين: الأول أن تحركات إمام مسجد بن رباح سابقاً كانت مرخصة من الدولة اللبنانية وذلك إنطلاقاً من التعاون الأمني الذي كان قائماً بينه وبين وزير الداخلية والبلديات السابق مروان شربل، والثاني أن حركة الأسير لم تكن تتضمن تنظيماً عسكرياً.

كل ذلك كان قبل أن تستدعي المحكمة العسكرية في بيروت برئاسة العميد الركن خليل إبراهيم، وكلاء الدفاع عن موقوفي عبرا الى جلسة سرية في الأسابيع القليلة الماضية. جلسة قلبت خطط الدفاع رأساً على عقب ودفعت بالمحامين الى التعاطي مع هذه القضية بطريقة مختلفة عن تلك التي كانت معتمدة سابقاً.

في تلك الجلسة السريّة، عرضت المحكمة على محامي الدفاع عيّنة من المضبوطات التي عثر عليها الجيش بعد دخوله مسجد بلال بن رباح وتحديداً الطابق السفلي منه حيث وجدت أسلحة الأسير. في تلك المضبوطات مخطوطة رسم عليها الأسير هيكلية تنظيمه العسكري، من رأس الهرم الى أسفله، ومقابل كل منصب دوّن الإسم الذي يتولاه. في المضبوطات أيضاً، تقسيمات للمناطق المحيطة بالمسجد، وشيفرات موزعة على كل منطقة لإستعمالها عبر الأجهزة. فلكل مكان أو شارع أو حي رقم خاص يعرف الأسيريون عند سماعه معناه الحقيقي والمنطقة التي يرمز اليها، ولكل رقم من الأرقام خصص الأسير عدداً معيناً من المقاتلين، يجب أن يكونوا جاهزين في المنطقة التي تعود اليه عندما تدعوهم الحاجة.

وكي يتأكد محامو الدفاع من التنظيم العسكري للأسير، كشفت المحكمة لهم خلال الجلسة المذكورة، وبالمستندات، كيف وزع "الشيخ أحمد" المقاتلين والقناصة على أسطح الأبنية وفي الشوارع بطريقة متوازنة، وكيف كان يرسم لهم خطوط الإمدادات مع المسجد. أما كاميرات المراقبة فلم تغب عن تنظيم الأسير العسكري، وهي كانت موصولة بغرفة تحكم داخل المسجد، يتناوب في داخلها أكثر من شخص، هذا بالإضافة الى عناصر متجولة في الشوارع، ترصد أي حركة يعتبرها الأسير مشبوهة أو لها علاقة بسرايا المقاومة. ولمزيد من التواصل بسرعة في حال تعرض المربع الأمني الأسيري لأي خطر، كان لتنظيم الأسير داتا تحوي أرقام المناصرين، وتهدف الى إستنفارهم بسرعة عند الطلب من خلال رسائل نصية قصيرة تصل الى هواتفهم الخلوية بكبسة زر.

كل ذلك فضلاً عن المعلومات الموثقة بالصوت والصورة، التي عرضت المحكمة بعضاً من محتوياتها من خلال الأقراص المدمجة وبطاقات الذاكرة الإلكترونية، وإحتفظت لنفسها بالبعض الآخر، على أن تكشف النقاب عنه في جلسات سريّة لاحقة إذا إقتضى الأمر.

لكل ما تقدم في هذه الجلسة، اقتنع محامو الدفاع أن حركة الأسير لم تكن إلا تنظيماً عسكرياً يريد النيل من صيدا ولبنان واللبنانيين والدولة اللبنانية، واغتيال افراد ​الجيش اللبناني​ والتمرد عليه، وقرروا التعاطي مع كل ملف من ملفات الموقوفين على حدى، "فمن ننجح في تخفيف عقوبته يكون الحظ من نصيبه، ومن نفشل في ذلك عليه أن يدفع ثمن فعلته".