لا يمكن لمعركة «تلة الحمرا» ان تمر بدون اخذ الكثير من العبر والمعطيات التي تطبع معركة لبنان مع الارهاب والتي تستمر وتتزايد وتيرتها كلما شعر المسلحون بالاختناق وعدم تمكنهم من تحقيق اهداف في الداخل اللبناني ، اهم العبر التي يمكن استخلاصها من تلك المعركة ان الجيش، وبحسب مصادر في 8 آذار، الذي يسطر ملاحم بطولية مع الارهاب اثبت قدرته على مواجهة الارهاب مهما كبر حجمه بامكاناته العسكرية المتواضعة وبشجاعة ابطاله الاسطورية في مواجهة اعتى الارهابيين المدججين بالاسلحة المتطورة والمستعدين للموت من اجل «اسطورة وحلم اقامة الامارة الاسلامية».

لا يمكن ايضا المرور على معركة رأس بعلبك مروراً عادياً وعلى اعتبارها مجرد معركة او مواجهة بين الجيش والارهابيين تشبه اي معركة اخرى سواء في غزوة عرسال او محاولات الهجوم المتكررة وشبه اليومية للمسلحين على مواقع الجيش ودورياته ومواقعه الثابتة والمتحركة لاستهدافه وضربه وتحطيم معنوياته ، فالهدف الاول للمسلحين، تضيف المصادر، كان تجاوز الجيش للوصول الى بلدة راس بعلبك المسيحية بكل رمزيتها ومعانيها وما يعني سقوطها في يد الارهابيين فيما لو حصل من انتكاسة للوضع اللبناني ولمعنويات الجيش ، ومن هنا فان عملية راس بعلبك قد لا تكون المحاولة الاولى للارهابيين لاختراق احدى الجبهات اللبنانية ، لكن لهذه العملية للعارفين في الامن مدلولات وقراءة مختلفة عن سابقاتها، فيمكن القول ان المعركة بين الارهابيين والجيش اخذت حيزاً آخر مغايراً للمرحلة الماضية، فتطورت المعركة بشكل واضح من خلال المعارك الضارية والتحام المجموعات المسلحة مع القوى العسكرية وجهاً لوجه وتركيز المجموعات المسلحة معركتها على الجيش باستهداف مراكزه وحواجزه او دورياته، وهذا التطور مراده الى جملة عوامل، تؤكد المصادر، فالجيش بالتعاون مع الاجهزة الامنية تمكن من تحقيق انجازات كثيرة في معركته مع الارهاب، فلم تسقط اي منطقة بعد في ايدي الارهابيين الذين سعوا الى رسم امارتهم الاسلامية الممتدة من البقاع الى الشمال ومن عرسال الى طرابلس بالتعاون ومؤازرة ودعم من الخلايا النائمة في المناطق ، في الوقت الذي تمكن فيه المسلحون الارهابيون من الحاق خسائر فادحة في الكثير من الدول المجاورة التي سقطت فيها مناطق ومن ثم عاودت القوى العسكرية على استرجاعها او بقيت حتى اليوم تحت سيطرتها كما حصل في العراق وبعض المناطق في سوريا .

ولعل اكثر ما يمكن ملاحظته من معركة تلة الحمرا، تضيف المصادر، وهي مجرد نقطة مراقبة ورصد للجيش في الخطوط الامامية او التلال التي تبعد بضعة كيلومترات عن راس بعلبك هي ان المجموعات المسلحة غير قادرة على تحقيق اختراق في بعض المواقع العسكرية العادية مثل مراكز المراقبة مما يعني استحالة سقوط المواقع العسكرية المحصنة للمغاوير والمجوقل وعدم امكانية المسلحين على تحقيق اي اختراق محلي آخر .

ولا يعني ذلك ان المسلحين في وارد التراجع، بحسب المصادر، خصوصاً انهم يشعرون بالاختناق في الجبال ويسعون لفك الطوق الامني عنهم وفتح منافذ لهم ولاثبات الذات وانهم قادرون على شن الهجوم ويملكون السلاح الكافي المخزن في الجرود، كما ان الهجوم على تلة الحمرا يأتي بعد سلسة الضربات الموجعة للارهاب بعد نجاح عملية سجن رومية واكتشاف العديد من العبوات والسيارات المفخخة المرسلة الى الداخل وتوقيف الكثير من الارهابيين الذين كشفوا الكثير من المعطيات الخطيرة، وقد يكون هؤلاء في صدد التحضير لانتقام جديد بعد خيباتهم ونكساتهم لمحاولة رد الاعتبار فعملية تلة الحمرا كانت متوقعة ويتحسب لها الجيش واهالي راس بعلبك من عدة اشهر، وهي هدفت لتحقيق تقدم على الجبهة واحتلال احدى البلدات المسيحية بما يعني ذلك من دلالات على غرار ما حصل في بلدات مسيحية في العراق ، وبعد الزيارة التفقدية لقائد الجيش لمواقع متقدمة للجيش في جرود عرسال ، ولكن وعلى رغم ضراوة المعركة التي حصلت في ذلك الموقع وتكبد الجيش للخسائر البشرية في صفوفه والحاق الاذى والهزيمة بالمهاجمين الارهابيين فان الواضح ان المواجهة في تلة الحمرا اكدت ان المسلحين عاجزين عن تحقيق اي انتصار داخلي او على التقدم لو حتى لأمتار قليلة والتوغل في الداخل اللبناني .