عاد الجميع إلى قواعدهم، وفي انتظارهم كُتلٌ من الملفات التي ما تكاد تُفتَح حتى تعود فتُقفَل من جديد، لتعود فتُفتَح ولكن من دون جدوى لأنَّ المعالجات غائبة.

من أبرز الملفات المفتوحة تلك المعيشية والحياتية التي لا تجد سبيلاً إلى المعالجة، على رغم كلِّ المحاولات التي تقوم بها الحكومة التي ألزمت نفسها بما اصطُلِح على تسميته آلية الإجماع في كلِّ القرارات التي تتخذها، حتى ولو كان الأمر يتعلق بتعيين حاجب.

من الإستحقاقات الداهمة في وجه الحكومة، في جلستها الخميس المقبل، بند الفيول العائد لمؤسسة كهرباء لبنان، هذا البند هو خلافيٌّ بامتياز وقد يؤدي إلى تطيير الجلسة، والمتخوفون من هذا الأمر يستندون في ذلك إلى السوابق الخلافية في جلسات سابقة، فهناك وزراء يصرّون على استمرار العمل بالعقود القائمة من دولة إلى دولة ما بين لبنان وشركة سوناتراك الجزائرية والكويت منذ سنوات، فيما هناك وزراء يطالبون بالعودة إلى استدراج العروض لتشارك فيها شركات خاصة تريد العودة إلى هذا القطاع وترفض أن يبقى الأمر محصوراً بين دولة ودولة.

في ظلِّ الإنقسام الحاصل، لا يُتوقّع أن يصل هذا البند إلى خواتيمه السعيدة، وقد يشهد المزيد من التأجيل، ولكن ليس وحده، ففي جدول الأعمال بنود أخرى تتعلَّق بالموافقة على صفقات بالتراضي في بعض العقود، وهذه البنود ستُثير جدلاً بين الوزراء، غير المنسجمين أصلاً، ويعتقد خبراء في شؤون جلسات مجلس الوزراء أنَّ النقاش سيتصاعد، خصوصاً أنَّ بنود التراضي غالباً ما تُشتمُّ منها رائحة عمولات ورشاوى وسمسرات.

لهذه الأسباب، فإنَّ الأنظار، كل الأنظار، موجَّهة إلى رئيس الحكومة تمام سلام لمعرفة كيف سيتعاطى مع هذه الخلافات المرتقبة، خصوصاً أنَّ المؤشرات تتحدث عن إمتعاضه الكبير من المسارات التي تتخذها جلسات مجلس الوزراء في ظلِّ آلية العمل التي اتُفِق على اعتمادها والتي تُعتَبر مستحيلة لجهة التوافق، فهذه الآلية تشترط الإجماع في كلِّ شيء. هذا الوضع جعل الرئيس تمام سلام يوجِّه تحذيراً شديد اللهجة من أنَّه إذا استمرت الأمور على ما هي من تعنّت، فإنَّ النتيجة ستكون إطاحة الحكومة.

ماذا يعني هذا التلويح؟

هل يصل الأمر بالرئيس تمام سلام إلى الإعتكاف في ظل إستحالة الإستقالة لأنَّ لا رئيس جمهورية يقدِّم إليه إستقالته؟

في ظلِّ الوضع القائم، وفي ظلِّ الشغور في موقع رئاسة الجمهورية، يبدو الإعتكاف وكأنَّ له مفاعيل الإستقالة لجهة شلِّ عمل السلطة التنفيذية، فهل نصل إلى هذه الهاوية؟

كلُّ شيء وارد في لبنان، وقد نصل إلى أكثر من حافة الهاوية في ظل انسداد الأفق أو على الأقل عدم التمكن من رؤيتها بالعين المجرَّدة وخاصةً إذا كانت ما زالت... بعيدة.