ترافقت المناورات العسكرية الإيرانية الأخيرة (محمد رسول الله) في مضيق هرمز والخليج، والتي شارك فيها قسم من وحدات القوة البحرية والبرية والجوية، حيث تم اختبار سلاح استراتيجي جديد أضيف إلى ترسانة ومؤسسة الدفاع البحري للحرس الثوري، مع جملة من التطورات في المنطقة الشرق الأوسط على المستويين السياسي والعسكري:

1- "إسرائيل" تسعى إلى تعطيل المفاوضات الإيرانية - الأميركية التي أحرزت تقدُّماً، وهو ما يظهر من تصريحات كلا الطرفين، وذلك من خلال دخول بنيامين نتنياهو على خط الكونغرس الأميركي لتبيين مخاطر هذا الاتفاق على أميركا و"إسرائيل"، وأنه سيساعد إيران في تصنيع القنبلة النووية.

2- "إسرائيل" تحرِّك الجبهة الجنوبية في الجولان السوري (عملية القنيطرة) لتقول لأميركا إنها قادرة على توريطها في حرب جديدة، وذلك من أجل منعها من إجراء أي تفاهم مع إيران.

3- تطوُّر الأحداث في اليمن، والتهديد المصري بالتدخُّل العسكري المباشر في مضيق باب المندب.

4- التنسيق الأمني والعسكري "الإسرائيلي" - السعودي، بحسب ما نقل مسؤول أوروبي للقناة الثانية "الإسرائيلية"، والسماح لسلاح الجو "الإسرائيلي" بعبور المجال الجوي السعودي في طريقه لمهاجمة إيران.

5- إبراز تنظيم "خرسان" (القاعدي) بزعامة محسن الكويفي (كويتي الجنسية، قُتل بغارة أميركية في سورية)، حيث تشير وكالة الاستخبارات الأميركية والبنتاغون الأميركي إلى أنه الأخطر، وأنه البديل عن تنظيم "داعش"، وحضوره الكثيف سيكون على الحدود الإيرانية - الأفغانية، وكذلك على الحدود الكويتية، من أجل السيطرة عليها، نظراً إلى أهميتها النفطية؛ كما حدث في سورية والعراق.

أما في الدلالات:

1- تأتي هذه المناورة في سياق التأكيد على الجهوزية العسكرية لأي حرب مفترَضة.

2- تُعتبر هذه المحاكاة ضد حاملة الطائرات، رسالة واضحة لأميركا اذا ما بدأت بالحرب؛ بأن إيران على كامل الاستعداد لخوض غمار الحرب ضدها، وإن هدفها العسكري الأول هو القواعد العسكرية الأميركية في المنطقة كافة؛ بحراً وبراً وجواً.

3- تؤكد هذه المناورة على قدرة البحرية الإيرانية على السيطرة على مضيق هرمز، والجميع يعرف أهميته الاقتصادية.

4- تأكيد قوة إيران وقدرتها على محو "إسرائيل" من الوجود، من خلال الصواريخ البالستية بعيدة المدى، إذا ما فكّرت "إسرائيل" في إعلان الحرب على الجمهورية الإسلامية.

في المحصلة، المشهد في المنطقة يزداد تأزّماً، والصراع ما يزال على أشدّه في سورية، على الرغم من تحقيق النظام العديد من الانتصارات الهامة على الجبهة الجنوبية في مثلث درعا - القنيطرة - الريف الدمشقي، وعلى الجبهة الشمالية في الريف الشمالي لحلب، وفي اليمن حيث تعقّدت الأمور بعد عودة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي عن الاستقالة وهروبه من القصر الرئاسي وعودته إلى عدن، وفي البحرين حيث الضغط الشديد على المعارضة السلمية، التي إذا ما اشتد الخناق عليها أكثر قد تفقد قيادة المعارضة زمام المبادرة، ولا تعود قادرة على ضبط الشارع البحريني، وقد تذهب الأمور إلى الصدام المسلَّح مع السلطة، وأخيراً وليس آخراً في الملف النووي الإيراني، الذي تزداد فيه أسهم النجاح، مع توقُّع فشل المفاوضات نتيجة الضغط "الإسرائيلي" والحزب الجمهوري في الكونغرس.. فما علينا إلا الانتظار لمعرفة ما ستؤةل إليه المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني، والتي ستلقي بظلالها على الملفات الأخرى في منطقة الشرق الأوسط، فإما أن تأخذها إلى تسوية ترتضيها الأطراف المتنازعة، وإما أن تأخذها إلى حافة الهاوية والجنون، من خلال الأحداث التي قد تغيّر وجه المنطقة من خلال "فدرلة" العديد من بلدان المنطقة بين مجموعاتها الداخلية؛ بما يشبه التقسيم الداخلي لبعض الدول.