التداعيات المرتقبة للعدوان السعودي الاميركي الخليجي على اليمن ستكون متدحرجة على كل دول المنطقة وليس لبنان فحسب. فلبنان الذي سيكون امام اختبار جديد اليوم خلال إجتماع القمة العربية في شرم الشيخ سيعمد الى دفن رأسه في الرمال على قاعدة الريح العاصفة والنعامة وسيكون موقفه كما جرت العادة منذ اندلاع الازمة في سورية النأي بالنفس او سياسة اللاموقف. وهذه السياسة رغم مساوئها ليست منة من تيار المستقبل وممثله في رئاسة الحكومة تمام سلام ولو قيض لسلام ان يتخذ الموقف نفسه مع الرئيس سعد الحريري والمفتي عبد اللطيف دريان لما تردد للحظة واحدة فالاهم تأكيد التحالف والتبعية للمملكة ولملكها. الازدواجية التي ينتهجها فريق تيار المستقبل واتباعه في 14 آذار تجعل من المنطق السياسي والنقاش في القضايا عقيماً وبلا طائل الا ان ضرورات التعايش وتحصين الهشاشة اللبنانية يدفعان الفريق الآخر الى "بلع الموسى" مع كل شفراته. بالامس رحّلت الامارات العربية المتحدة 70 عائلة بينهم 63 عائلة من الطائفة الشيعية وقبلها بخمس سنوات رحلت 463 عائلة أخرى وحتى اليوم لم تعلن لوائح اسماء المبعدين ولا الاسباب التي رحلوا من اجلها لكن المستقبل و14 آذار اعطوا المبررات والذرائع للسلطات الاماراتية والحقوها بقضايا جنائية وامنية، الا ان حقيقة الامر هي نفسها الاستجابة للضغوط السعودية بمحاصرة حزب الله وكل المؤيدين له حتى في النوايا من طائفته ولو كان هناك لبناني واحد من الطائفة الشيعية في الصين او الهند او مجاهل افريقيا وطالته يد التشفي السعودية لم تقصّر. حتى اليوم لم تتخذ الحكومة اللبنانية موقفاً واضحاً ولم تطبق المعاملة بالمثل مع الاماراتيين ولم تطرد اماراتياً واحداً مثلاً ولم تحذُ حذو قطر عندما هددت لبنان بطرد 36 الف لبناني اذا لم يسلم القضاء اللبناني احد القطريين المتورطين بقضايا ارهابية وبعلاقات مع القاعدة ومتفرعاتها السورية. الازدواجية ايضاً تكمن في التعاطي مع الملف السوري فكيف يحق للسعودية وتركيا وقطر والولايات المتحدة الاميركية وفرنسا ان تدعم بالمال والسلاح وتسهيل حركة الارهابيين وعبورهم الى سورية لاسقاط نظام الرئيس بشار الاسد وقتل ما يزيد عن 300 الف سوري وتهجير ما يزيد عن 7 ملايين بالاضافة الى عشرات الاف المفقودين. وكيف يتم هذا الامر وتحت اي مسوغ؟ فهل يحق لهؤلاء ان يقوموا بكل ذلك في سورية ؟ وعن اليمن وازمته الداخلية التي يفترض ان تحل بالحوار بين ابناء الشعب الواحد والبلد الواحد، من اعطى الحق للسعودية واتباعها من الدول العربية والخليجية الاخرى بشن هذا العدوان الهمجي والوحشي على الشعب اليمني واطفاله ونسائه؟ وهل نصبت السعودية نفسها القاضي والجلاد وهي تقرر تعيين او عزل او اجبار رئيس مستقيل على العودة عن استقالته وتشن حرباً لاعادته عبر ذبح معارضيه وقتلهم؟

هذا المنطق السعودي يقف وراءه تيار المستقبل و14 آذار ولا سيما الدكتور سمير جعجع والذي لا يوفر على غرار النائب وليد جنبلاط فرصة الا ويرسل الود الى المملكة وملكها بينما لا يجدر التوقف عند مواقف الحريري والمفتي وغيرهما لانها تحصيل حاصل، ويبقي الساحة اللبنانية على انقسامها وتوترها.

كيفية التعامل مع الظروف اليمنية المستجدة على الساحة اللبنانية هي مدار بحث منذ بدء الاجتياح السعودي - الخليجي لسيادة اليمن على طاولة حزب الله وحلفائه وهم يدرسون كيفية التعاطي السياسي مع هذه التطورات على ان تظهر بوادر خريطة التحرك خلال اليومين المقبلين. وتركز المداولات على خطورة العمل السعودي الذي يصب في إطار الثغرة التي فتحتها تركيا وجيشها في الخاصرة السورية عندما "جس" رجب طيب اردوغان نبض الدولة السورية وروسيا وايران من خلال نقل رفات سليمان شاه. وهذا العمل هدف الى قياس ردود الفعل على اي تدخل عسكري تركي او غربي في سورية فما كان من الروس الا ان ارسلوا عبر القنوات الدبلوماسية والمخابراتية التنبيهات اللازمة لاردوغان للانسحاب. ويعني هذا الكلام ان بعد تدخل السعودية في اليمن بستار مذهبي وبغطاء حماية الامن القومي السعودي والمصالح الخليجية في وجه الاطماع الايرانية المزعومة، يحق لاي دولة اخرى ان تحذو حذو تركيا والسعودية في سورية واليمن والعراق فماذا يمنع روسيا من شن هجمات على اوكرانيا، ومن يمنع الهند من تصفية حساباتها مع باكستان؟ وهل ستكون الاراضي السورية مسرحاً لتدخل عسكري ما؟

موقف الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله السياسي المتلفز امس صب في سياق تقدير الموقف وإعلان جزء من التوجه في التعاطي مع تكامل فريق الرئيس فؤاد السنيورة مع الهجمة السعودية على حزب الله وايران، وهو اوحى بشكل واضح ان التمسك بالحكومة وبالحوار مع المستقبل ضرورة وطنية لكنه في الوقت نفسه ترك لنفسه هامشاً واسعاً للتعاطي مع التطورات عند حصولها ووقتها لكل حادث حديث!