احتلت أخبار «​الجامعة اللبنانية​» في الاسبوع الماضي حيزاً واسعاً في وسائل الإعلام. وقد تركزت أخبارها على موضوعين رئيسين: إضراب طلاب كلية الاعلام - الفرع الثاني على خلفية اطلاق رصاص بالقرب من احدى الطالبات، وتعيين مدير لكلية إدارة الاعمال في الشمال.

وقد تعطلت الدروس في فرع كلية الإعلام في الفنار لمدة ثلاثة أيام وتظاهر طلاب الفرع حاملين يافطات واستقبلتهم محطات اذاعة وتلفزيون ليعرضوا «حال الرعب» التي يعيشونها.

أما في وقائع هذه الحادثة فإن اطلاق النار قرب الطالبة حصل على الطريق العام وليس في حرم الكلية، وفي دائرة تضم مدرستين وكلية أخرى للجامعة. وهو حادث قد يحصل في أي مكان آخر. فضلاً عن أن القوى الأمنية تقوم بواجباتها في المنطقة وتراقب الوضع بدقة، كذلك إدارة الكلية تقوم بما يتوجب عليها.

لا يعني ذلك أن ليس من حق الطلاب المطالبة بحمايتهم، غير أن مطالبتهم بالشكل الذي حصل فيه أظهر وكأن كلية الإعلام تعيش اضطرابات أمنية وأن طلابها في خطر، وهو يوحي لكثيرين من الأهل بالخوف على أولادهم وبالتمنع عن إرسالهم إليها. أي أن التغطية الإعلامية للموضوع فاقت حجم الحدث وانعكست سلباً على الفرع والجامعة، بدلاً من أن تؤدي الهدف منها وهو المعالجة.

الحالة الثانية هي تعيين مدير لفرع إدارة الاعمال في طرابلس. وقد أخذت الاعتراضات عليه أبعاداً طائفية ليست في مصلحة القائمين بها، ولا في مصلحة الجامعة. ودخل المصطادون في المياه العكرة، فرفعوا شعارات تطالب بتقسيم الجامعة وبإقالة رئيسها، في الوقت الذي كان لهذه المطالبات أن تأخذ طريقاً إدارية داخل المؤسسة من خلال آليات الاعتراض القانونية ومن خلال الطعن بها. وقد أضَرَّ التحرك بصورة الجامعة وأظهرها في حال من التخبط في قراراتها.

حتى «رابطة الاساتذة المتفرغين» في الجامعة لجأت إلى بيان إعلامي متوجهة إلى مجلس الجامعة تدعوه إلى القيام بدوره، موحية أنه لا يقوم بذلك. فلماذا لم توجه الرابطة طلبها عبر الوسائل الإدارية داخل المؤسسة؟ أو لم يكن في امكانها أن تلتقي مجلس الجامعة وتناقش معه عملياً ما المطلوب منه بدل رسائل إعلامية مشوشة؟

إن استخدام الإعلام صندوق بريد يحمل مخاطر كبيرة على الجامعة وصورتها.

في هذا الاسبوع بالذات كانت كلية العلوم في الجامعة تعالج في مؤتمر علمي واحدة من مشاكل لبنان الكبرى، قضية المياه، وكان خريجو كلية الهندسة يحققون خرقا مميزاً في فرنسا، غير أن الأخبار الصغيرة السلبية طغت على الانجازات.

ليس العتب على وسائل الإعلام فحسب، فدور الإعلام هو في الإضاءة على «ما يتحرك»، وهو يبحث عن الاثارة لجذب الجمهور. إن تعيين عشرات المديرين الآخرين في فروع الجامعة والذي حصل مع تعيين مدير إدارة الأعمال في الشمال لم يتناوله أحد. سبعون الف طالب يقصدون كل يوم مقاعد «الجامعة اللبنانية» لا يشكلون حدثاً للتغطية. كذلك آلاف متخرجيها الذين يشكلون مساهمة أساسية في الناتج القومي في الداخل والخارج.

إنها اللعبة الإعلامية التي لم يمتهنها بعد أهل الجامعة لتسويق صورة هذه المؤسسة التي تبقى واحدة من أهم صروح العلم في العالم العربي.