اعتبر الوزير السابق ​زياد بارود​ أن المخارج التي طرحها رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون حول الأزمة الرئاسية، يجب أن تُبحث بالسياسة أولا قبل أن يتم النقاش القانوني والدستوري حولها، فالسؤال الاساسي الذي يجب ان تتم الاجابة عليه هو ما اذا كان باقي الفرقاء لديهم الرغبة السياسية بمناقشة هذه المبادرة والسير بها، لأن الدستور وُجد لتنظيم وتأمين انتظام الحياة السياسية ولم يكن يومًا جامدًا.

وأوضح بارود، في حديث لـ"النشرة"، أنّ الطرح الاول للعماد عون والقائل بانتخاب الرئيس من الشعب يستلزم تعديلاً دستوريًا، لذلك تقدّمت تكتله في العام الماضي باقتراح قانون لهذا الغرض. وقال: "المهم هنا هو المعنى السياسي لهذا الطرح، لجهة السعي لاخراج الاستحقاق الرئاسي من عنق الزجاجة".

طرح ديمقراطي بامتياز

ووصف بارود الطرح بـ"الديمقراطي بامتياز" كونه يوسّع دائرة الناخبين فلا يحصرها فقط بالمجلس النيابي بل يجعل الشعب كله هيئة ناخبة، لافتا الى وجوب الأخذ بعين الاعتبار "ضوابط معينة في حال السير بهذا الاقتراح كي لا يكون هناك غلبة أكثرية لفئة على سواها من الفئات، باعتبار اننا ننظم امورنا وفق نظام ميثاقي والرئيس يجب أن يأتي انعكاسا لرغبة اللبنانيين بكل فئاتهم".

ورأى بارود انّه حتى ولو لم يسر باقي الفرقاء بطروحات العماد عون، فان مجرد حصول الزيارات لتبادل الآراء والنقاش حول المخارج التي طرحها أمر ايجابي في الظروف الدقيقة التي تمر بها البلاد، نافيا أن يكون انتخاب الرئيس من الشعب يوجب علينا أن نتحول من نظام برلماني الى نظام رئاسي. وقال: "النظام الرئاسي لا يرتبط فقط بعملية انتخاب الرئيس، بل بصلاحيات هذا الرئيس أولا".

وعن طرح اجراء الانتخابات النيابية قبل تلك الرئاسية، ذكّر بارود بأن "الشغور الأول هو في سدة الرئاسة ما يعني أن الأولوية هي لملء الشغور على مستوى رئاسة الجمهورية، ولكن طبعا لا مانع في حال حصول اتفاق سياسي على السير بالانتخابات النيابية اولا بأن يتم ذلك باعتبار ان الهدف المرجو ملء سدة الرئاسة اعتمادا على هيئة ناخبة غير ممدد لها وتمثل حقيقة مكونات الشعب اللبناني". ولفت بارود الى اشكالية تعترض السير بهذا الطرح، وهي اشكالية قانون الانتخاب "باعتبار أنّه وبالرغم من كل الوعود التي تلت التمديد الاول لمجلس النواب كما التمديد الثاني لم يتم التوصل لاقرار قانون جديد تجري على اساسه الانتخابات المقبلة".

مصيبة ومأساة وطنية

ووصف بارود دخول الشغور الرئاسي عامه الأول بالـ"نكبة"، رافضا الدخول في ما اسماها "لعبة الذكرى الأولى والثانية، والا اصبحنا باطار مأساة وطنية". وقال: "لا يجوز التعاطي مع الوضع وكأننا باطار مناسبة تتم عامها الأول، باعتبار انّها مصيبة بالرغم من كل المساعي التي يقوم بها البعض لاظهار بأن البلد يسير بشكل طبيعي وبأن وجود رئيس أو عدم وجوده غير مؤثر".

وشدّد بارود على ان غياب الرئيس أثّر تلقائيا وبشكل كبير على عمل كل مؤسسات الدولة وعلى رأسها المجلس النيابي الذي هدّد رئيسه بحله، والحكومة التي تبقى رهينة الملفات الاشكالية. واضاف: "كما أن تمثيل لبنان في الخارج منتقص كما اننا نفتقد قدرة الرئيس على التواصل مع كل الفرقاء لادارة الحوار، ولدوره الجامع".

واعتبر بارود انّه "لو كان بعض الذين يروجون لعدم أهمية وجود رئيس من عدمه على حق لما كانوا حريصين على التنافس على هذا الموقع وساعين للوصول اليه". وشدّد بارود على وجود "مسؤولية كبيرة تقع على عاتق اللبنانيين لوضع حد للشغور الرئاسي علما أنّهم كانوا قادرون في الاشهر الاولى للشغور من الاستفادة من الدفع الاقليمي والدولي لاتمام عملية الانتخاب حفاظا على الاستقرار، أما وقد امّنت الحكومة الاستقرار المطلوب فباتت الازمة اكثر تعقيدا مع ربطها بأزمات المنطقة".

التعيين هو الأصل

وبملف التعيينات، أشار بارود الى وجود محاولة لفصل ملف تعيين مدير عام جديد لقوى الأمن الداخلي عن ملف تعيين قائد جديد للجيش، بفعل الاولوية الزمنية، مشددا على أن التعيين هو الأصل والتمديد هو الاستثناء وبالحالات البالغة الضرورة، أما السعي لتعميم فكرة ان القاعدة هي التمديد والاستثناء هو التعيين، فهو امر غير صحي على الاطلاق.

وطمأن بارود الى أن "المظلة الدولية لحماية الاستقرار اللبناني لا تزال قائمة ليس من باب الصداقة والحرص على المصلحة اللبنانية بل نظرا لأن مصلحة المجتمع الدولي تكمن بالحفاظ على حد أدنى من الاستقرار في لبنان"، معربا عن ثقته التامة بالجيش وبأنّه قادر على حماية الحدود اللبنانية والتعاطي مع أي مستجدات على الحدود.