أزمتان عصفتا بالحكومة اللبنانية خلال أقل من أسبوعين تقريبا، التحرك الشعبي الذي أطلقه رئيس تكتل الإصلاح والتغيير ميشال عون، إحتجاجا على تهميش حقوق المسيحيين، وأزمة النفايات التي ارخت بظلالها على طول البلاد وعرضها.

الحكومة السلامية، باتت مهددة أكثر من اي وقت بالخروج من السراي الحكومي، فالأوضاع المعيشية والإقتصادية من سيء إلى أسوأ، والمناكفات بين الأفرقاء السياسيين الممثلين في الوزارات لم يعد بالامكان إخفاؤها، والمواجهة بين وزير الخارجية جبران باسيل ورئيس الحكومة تمام سلام عشية المظاهرات العونية كانت البداية، وكما يقول المثل أول الرقص حنجلة.

يكفي النظر إلى تراكم النفايات في بيروت الكبرى لمعرفة مدى حراجة المرحلة التي تمر بها البلاد، فالجميع يتذكر ان الدنيا قامت ولم تقعد عندما طرح موضوع تقنين الكهرباء في هذه المنطقة على غرار ما يحدث في المناطق اللبنانية الأخرى، والسؤال المحير لماذا انتفض البعض على التقنين ولم يحرك ساكنا على موضوع تراكم النفايات، ولماذا لم تندلع السجالات السياسية وحملات التشهير المعتادة على وسائل الإعلام على خلفية هذا الحدث، علما بـأن الأفرقاء السياسيين لا يفوتون أي فرصة للإستفادة منها إعلاميا، وهذه الأسئلة تقود إلى جواب واحد، هناك شيء ما يحضر في الأفق، فلا يمكن مثلا المرور مرور الكرام على جملة أحداث حصلت الأسبوع الماضي وابرزها، زيارة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع إلى السعودية للقاء الملك سلمان، ثم مسارعته إلى وضع رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون في اجواء الزيارة، وإرسال رئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط ممثله وزير الصحة وائل ابو فاعور على وجه السرعة إلى المملكة للقاء رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، والإتصالات شبه اليومية بين المختارة وعين التينة.

المعلومات المسربة طيلة الأسبوع الماضي أشارت إلى إقتراب موعد تقديم رئيس الحكومة تمام سلام لإستقالته، ووصل الأمر ببعض وسائل الإعلام حد القول ونقلا عن مصادرها ان سلام جهز خطاب الإستقالة، غير ان المكتب الإعلامي لسلام نفى هذه الأنباء، معتبرا أنها عارية عن الصحة جملة وتفصيلاً، فما الذي يحدث إذن.

وفق المؤشرات فإن استقالة سلام باتت قاب قوسين أو أدنى وتنتظر "التخريجة" اللائقة، لذا سينكب على حل مشكلة النفايات ليخرج من بعدها على اللبنانيين بخطاب يقول فيه انه لم يرتض ان يهرب من مسؤولياته رغم حقول الألغام المنتشرة حوله، وأنه اليوم يقدم استقالته مرتاح الضمير نظرا لتمكنه من انجاز ملف النفايات، وهذا ما سيبعد عنه شبح التساؤلات التي يطرحها اللبنانيون، عن الإنجازات التي حققتها حكومته خلال فترة توليها المسؤولية.

هل ملف النفايات وحده سيدفع بسلام الى تقديم استقالته، الجواب لا، فالظروف التي تمر بها المنطقة حاليا تختلف بشكل جذري عن ظروف ولادة حكومته، لذا فإن المرحلة القادمة ستحمل عنوان "سعد الحريري راجع"، فالفترة الماضية اثبتت أنه ما من أحد قادر على ملء الفراغ على الساحة السنية، بظل انشغال بعض المرجعيات بالتخفيف من صدمة التحاق مقربين منها بالتنظيمات المتطرفة.