يسجّل للحراك المدني أنه حقق رقماً قياسياً في سرعة إستعداء الناس. كنّا، كما غيرُنا الكثيرون، مع هذا الحراك سواء أبدون تحفظ أم بتحفظات محدودة، حتى ليل الموقعة الشهيرة (ليل الخميس - الجمعة).

لماذا؟

قد يكون من حق أهل الحراك أن يطرحوا علينا، وعلى غيرنا من الناس العاديين والإعلاميين، هذا السؤال: لماذا؟

لأننا أمضينا سهرة تبادل القصف بالحجارة وخراطيم المياه، وشاهدنا ما لا يخفى فقد فضحته الكاميرات، ولم يستطع أن يحجبه زعيق بعض الإعلاميات العاملات في أقنية تتنافس في أيها ستكون محظية لدى جماعة الحراك ومن وراءهم، وركوب الموجة!

لقد كنّا نرى، بالعين المجردة، وابل الحجارة التي إنهال بها «الحراكيون» على رجال الأمن الواقفين في الأماكن المحددة لهم والذين ينفذون التعليمات في شأنها ولا حول لهم ولا قوة. إذ إنهم يقومون بواجباتهم لا أكثر ولا أقل.

لقد شاهدنا بأم العين هذه الشراسة ولمسنا هذا الحقد غير المسبوقين في لبنان بالتعامل بين المتظاهرين والقوى الأمنية الموكل اليها حماية النظام.

لقد كان المتظاهرون يرشقون اخوتهم ورفاقهم وأبناء وطنهم، من رجال قوى الأمن الداخلي، ليس بالحجارة وحدها، بل أيضاً بتصميم على الأذى. ولم تكن مصادفة أنّ الصبح قد إنبلج عن هذا الكم الهائل من الأحجار التي تراكمت في وسط المدينة ما يطرح السؤال ذاته بذاته: من أين جاءوا بهذه الأحجار، وهل أنبتتها الأرض فوراً أو إنها كانت مهيأة سلفاً إستعداداً لما جرى؟!

ما من شيء يبرّر هذا الحقد الذي تعامل به المتظاهرون مع القوى الأمنية. ليس ما يبرّر وقائع سهرة ليل الخميس - الجمعة (أمس وأول من أمس). هل نتحدث ببعض الأمثلة والتفاصيل؟

هل نذكر أصحاب الأصبع الوسطى، رجالاً ونساء، الذين كرّروا فعلتهم «المهذبة» في كل حراك؟!. وهل ان توجيه الأصبع الوسطى الى رجال الأمن والسياسيين والمسؤولين هو عمل بطولي أم تراه حال شعبية ومطلبية من شأنها أن تحل الأزمات المتراكمة؟

أو ترانا نذكر تحويل وسط المدينة الى ساحة حرب؟ وشخصياً لنا موقف من ساحة الشهداء يتجاوز موقف أهل الحراك، وقد عبّرنا عنه غير مرة في هذه الزاوية بالذات... ولكننا نرفض، بل ندين أعمال التخريب وكأنّ كل تصرّف ينطلق من تصميم على الأذى!

أو إننا نذكر الضخ الهائل من الشتائم بالأسلوب السوقي الذي كان يتردد على أفواه متظاهرين؟ (...)

أهذا هو الحراك؟ أهذه هي الثورات؟ أهؤلاء هم أبناؤنا وبناتنا الذين سيتولون الشأن العام في المستقبل غير البعيد؟

ونقول لأهل الحراك: إذا كنتم تريدون فعلاً أن تبقوا على الصورة النقية إخلعوا عنكم رداء الحقد، واطردوا من صفوفكم الزعران الذين يزداد عددهم يوماً بعد يوم.

أمّا نهاد المشنوق فليس هو العدو.