بعد التفجيرين اللذين وقعا في منطقة​برج البراجنة​ بالضاحية الجنوبية واوديا بحياة 43 شهيداً، و239 جريحاً، عاد الموضوع الأمني الى الواجهة بعد استقرار دام سنة ونيّف، وقد تمكنت الأجهزة الأمنية، وفي مقدّمها شعبة المعلومات والأمن العام، من تحقيق إنجاز استثنائي بإلقاء القبض على تفرّعات الشبكة الانتحارية المسؤولة عن الجريمة خلال 48 ساعة، الامر الذي عزز الثقة لدى المواطن بالجهاز الامني اللبناني.

ولكن بعد العملية الارهابية ببرج البراجنة، تسرّبت على بعض المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، اشاعات كثيرة تبث الخوف والقلق في صفوف المواطنين، الأمر الذي اعتبر البعض أنّه يعكس الهواجس الأمنية المتزايدة لدى الناس، فيما فسّره البعض الآخر باعتبار ان هناك بعض المستفيدين من توتير الاجواء الامنية في البلاد واولهم تنظيم "داعش" الذي يخطّط باستمرار ويحرك خلاياه النائمة لزعزعة الامن والاستقرار في لبنان ليغطي الهزائم التي يتكبدها بالضربات الروسية في سوريا.

وفي هذا المجال، اكد مصدر امني لـ"النشرة" ان القوى الامنية تتابع عن كثب كافة المعلومات التي يتم تناقلها وتتأكد منها، ومن ثم تنشر المعلومة الصحيحة في سبيل طمأنة المواطنين، مشيرا الى أنّ اشاعات عديدة صدرت في الفترة الاخيرة ومن ثم تبيّن عدم صدقيتها، داعيا اللبنانيين الى متابعة المواقع التابعة للقوى الامنية ومنها قوى الامن الداخلي التي تنشط في هذا المجال بالاضافة الى نشاطها على مواقع التواصل الاجتماعي.

واذ اكد المصدر متابعة معظم الاجهزة الامنية للتحركات المشبوهة، شدد على اهمية ان يكون كل مواطن خفيراً ويبلغ القوى الامنية باي تحركات مشبوهة قد يلحظها في اي مكان وزمان.

ولفت الى ان القوى الامنية تلاحق جميع الامور لتحقيق الامن والاستقرار ومنع العبث بهما، مؤكدا وجود تعاون دائم بين كافة الاجهزة الامنية لقطع الطريق على من تسوّل له نفسه القيام باي عمل ارهابي.

وإذا كان للأمن رؤيته في هذا المجال، فإنّ الشقّ النفسي لا يمكن تجاهله، خصوصًا أنّ عودة شبح التفجيرات كانت كافية لتعود معها حالة الرعب في صفوف المواطنين من أن يكون أيّ انفجارٍ لهم بالمرصاد، فيُنهي حياتهم في لحظة، ومن هنا، فإنّ هذه الشائعات تأتي لتزيد الطين بلّة.

وفي هذا السياق، لفت الاستشاري النفسي والاجتماعي الدكتور احمد يوسف الى ان انتشار هذه المعلومات يتم من خلال بعض الجهات التي تهدف الى التشويش واثارة البلبلة لهدف امني، موضحا ان الاشاعة تعطي اي حدث امني مفعولاً اطول وهذا الامر لا تقل خطورته عن الحدث الامني عينه.

وفي حديث لـ"النشرة"، اشار الى ان المواطنين سريعو التصديق للاخبار وخصوصا الامنية منها والتي يتم تداولها فيما بينهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ما يؤدي إلى انتشار خوف جماعي نظرا لانفلاش الخبر او المعلومة من مواطن الى اخر، وطلب التعاطي مع كل الرسائل والمعلومات او الاشاعات التي تنتشر بطريقة حذرة والاطلاع على المصادر الموثوقة والرسمية، مضيفا: "ولتخفيف الضغط النفسي فالافضل ايضا عدم قراءة هذه الاخبار والتداول فيها لمساعدة انفسهم خصوصا في ظل عدم مصداقية مصادر المعلومات".

ورأى ان وجود الوعي لدى المواطنين ضروري خصوصًا بظل الظروف الامنية التي نعيشها اليوم، لان هذه المعلومات غير الموثوقة تزيد الخوف وتحوله الى "فوبيا" اجتماعية تخدم من يطلقها لاهداف خاصة.

لا شك باننا نعيش اليوم مرحلة صعبة وحساسة الا ان الاجهزة الامنية اثبتت كفاءتها بحماية الامن وصون الاستقرار في البلاد، فلا بد من التنبه والحذر، ومن أن يكون كل مواطن خفيرا في منطقته، ولكن مع عدم الركون إلى الإشاعات وإلى سياسة التخويف، وباعتماد سياسة التثبت من الأخبار قبل بثها في مواقع التواصل الاجتماعيّ وتناقلها.