اعتبر أمين الهيئة القيادية في "حركة الناصريين المستقلين – المرابطون" العميد ​مصطفى حمدان​ ان كل ما يتمّ التداول به، من ناحية الشكل، في ما يتعلّق بالتسوية التي تقضي بانتخاب رئيس "تيار المردة" النائب ​سليمان فرنجية​ رئيساً للبلاد، "شبيه تماماً من حيث البرمجة والخطوات بما تعرّض له رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون من خديعة كبرى أدت إلى المزيد من الإحباط لدى كل اللبنانيين".

واستهجن حمدان في حديث لـ"النشرة" افتقاد "مفهوم السيادة والكرامة وطنياً، بحيث أن التسوية المزعومة ترتكز على تسريب السفير الأميركي السابق في لبنان ديفيد هيل ومتابعة القائم بالأعمال الجديد ريتشارد جونز بأن الأميركيين راضون بمجيء فرنجية رئيساً للجمهورية في هذه المرحلة، ومن ثم انتشرت حالة الحبور والرضا في مختلف عواصم القرار التي تدير القوى السياسية في لبنان"، معتبرا ان هذا "معيب بحق الطبقة السياسية اللبنانية من مختلف الطوائف والمذاهب، ولكنه ليس غريباً لأنهم لم يبلغوا سنّ الرشد ولن يستطيعوا أبداً في ظل الخريطة المذهبية والطائفية لهذا النظام اللبناني المتهالك أن ينتجوا رئيساً صُنع في لبنان".

الحريري دمية لدى آل سعود

وتساءل حمدان: "كيف يمكن لمن يردد دائماً معزوفة لا شرعية ولا دستورية المجلس النيابي وقد مُدّد له مرتين أن يرضى بأن ينتخب هذا المجلس رئيساً للجمهورية؟" وشدّد على ان "ما بُني على باطل فهو باطل، ومنذ البدايات سيكون هذا الرئيس منتخبًا بصورة لا دستورية ولا شرعية".

واعتبر حمدان انّه "إذا صحّ ما قيل عن لقاء باريس بين فرنجية والحريري، فإننا نرى أن على الأخير، صانع الرؤساء، كي يكون منصفاً أن يستقبل أيضاً المرشحين المحتملين مثل جان عبيد وجورج خوري وزياد بارود ونعمة أفرام ومروان شربل وروجيه ديب، وغسان سلامة لو كان مارونيًا، ومن ثم عليه اعلان اختياره لسليمان فرنجية رئيساً للبنان حفاظاً على ماء الوجه للبنانيين كي لا يقولوا أن الحريري ديكتاتوري في تعيين رئيس الجمهورية اللبنانية عبر التسوية المزعومة".

ورأى حمدان أن الحريري "أثبت ومنذ وفاة والده الشهيد بأنه دمية للأمراء من آل سعود والذين هم مختلفون في إدارة شؤون المملكة، فكيف يمكن لهم أن يتفرّغوا لإدارة ​سعد الحريري​ في الشأن اللبناني؟"

وشدّد حمدان على ان "علاقة سليمان فرنجية بالرئيس السوري بشار الأسد، علاقة مبدئية وثابتة وقائمة على معطيات النضال الوطني لآل فرنجية في علاقتهم مع سوريا العربية"، مؤكد أنّه "لا يمكن بتاتاً طرحها في مزاد السياسة اللبنانية الداخلية حتى ولو كانت رئاسة الجمهورية هي الهدف". وقال: "سليمان فرنجية من خامة السياسيين اللبنانيين الثابتين على المواقف أبأً عن جدّ ولا يمكن بتاتاً أن يدخل في عملية بيع وشراء من أجل تسوية مدارة أجنبياً في ظل متغيرات اقليمية متسارعة، فسليمان فرنجية لا يمكن أن يساوم من خلال ما أعلنه، أولاً: على ترشيح العماد ميشال عون وهو دائماً سيكون خلفه مرشحاً. ثانياً، على العلاقة القومية والوطنية لآل فرنجية مع الجمهورية العربية السورية".

الانتخابات النيابية أولاً

واشار حمدان الى ان "فحوى التسوية السياسية، لا تزال مبهمة بالتفاصيل"، وقال: "لا أظنّها تتلاءم مع خطورة الأحوال التي يتعرّض لها وطننا اللبناني اليوم من إستهداف إرهابي لوجوده وإدارة إنتاج نظام سياسي لبناني جديد عبر قانون الانتخابات المنصف والعادل وصولاً الى حل المشاكل المعيشية والاجتماعية وعلى رأسها قضية النفايات والزبالة المنتشرة على امتداد الجمهورية اللبنانية"، معتبرا ان "الاخراج الاعلامي العام لهذه التسوية بأن رئاسة الجمهورية لفريق 8 آذار ورئاسة الحكوكة لفريق 14 آذار في ظلّ هذه المناخات التي طرحناها، سيؤدي منذ البداية بعد الجلسة النيابية لقسم اليمين الدستورية من قبل رئيس الجمهورية المنتخب الى الواقع الذي انتهى به عهد الرئيس اميل لحود رئيساً للجمهورية صامداً وممانعاً في قصر بعبدا وحكومة لا ميثاقية وغير دستورية ولا شرعية، وبالتالي تزداد الأمور تعقيداً عن الواقع الحالي الذي تدار به أمور الجمهورية اللبنانية بالتي هي أحسن في ظلّ استشراء الفساد وسرقة المال العام دون رقيب أو حسيب ومظاهرات الحراك الشعبي إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا". واضاف: "ننصح الجميع أن يركّزوا جهودهم على إنتاج قانون انتخابي قائم على الفرز النسبي والدائرة الوطنية الواحدة وإقناع منسّق لجنة الانتخابات جورج عدوان بهذا الطرح عوضاً عن التلهّي بالقوانين الـ17 التي تستخدم كقنابل دخانية للتغطية عن ما يريدون من قانون انتخابي لا يعكس الإرادة الوطنية للشعب اللبناني".

وشدد على ان "التسوية الحقيقية للواقع اللبناني تبدأ بالانتخابات النيابية الحقيقية وصولاً إلى انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة تدير شؤون البلاد والعباد بطريقة متطوّرة متقدّمة".

تحوّلات دقيقة وجدية

وتطرق حمدان للتطورات على الحدود السورية - التركية بعد اسقاط الطائرة الروسية، معتبرا ان ذلك "سيؤدي إلى تحوّلات دقيقة وجدية في الخطة الاستراتيجية العامة لمكافحة الإرهاب الموضوعة من قبل القيادة الروسية زمنياً من حيث تسريع المحطات الزمنية لتنفيذ الخطة والوقائع الجيوسياسية على صعيد منطقة الشرق الأوسط".

ولفت الى انّه "سواء كانت هذه الخطوة التركية مدروسة ومدارة أميركياً ومعدّ لها في غرفة عمليات الناتو أم أنها نتيجة رعونة أردوغان وجنونه، فإنها ستؤدي إلى الخطوات التالية على الصعيد الروسي، أولاً، ميدانياً وأمنياً: دفع قوات الجيش العربي السوري مع إمكانية المساندة بالقوات الروسية البرية للوصول سريعاً إلى خط الحدود التركية السورية وإغلاق كافة المعابر التي كانت تستخدم من قبل تركيا للإمداد اللوجستي والبشري والإخلاء الصحي للإرهابيين والمخربين، والتركيز على ضرب البنية النفطية لداعش عبر تدمير مسالك العبور للصهاريج المحمّلة بالنفط المهرّب إلى تركيا، مع الإشارة إلى أن الخسائر اليومية للمقرّبين من أصهرة وعدلاء الرئيس رجب طيب أردوغان يومياً نتيجة هذه العمليات تتعدّى 50 مليون دولار، ثانياً: العزل السياسي للإدارة التركية الحالية المرتكزة على دعم عصابات الإخوان المتأسلمين العالمية بحيث تركز الإدارة الروسية اليوم على إظهار ديكتاتورية أردوغان ودعمه للإرهاب ليس فقط على صعيد سوريا إنما على صعيد القارة الأوروبية، ودفع هذه الدول إلى إعادة النظر في التعامل مع الإدارة التركية كمموّلة للإرهاب مثل قطر والسعودية، والضغط عليها لتجفيف القدرات المالية لداعش ، ولعلّ أهم ما حققته الإدارة الروسية حتى الآن هو إنهاء الحلم التركي بالإنضمام إلى السوق الأروربية المشتركة. ثالثاً: الإجراءات الاقتصادية المتلاحقة والمتدرجة بدءاً من توقيف سفر المواطنين الروس إلى تركيا سواء لأغراض اقتصادية أو سياحية وصولاً إلى خيار توقيف الإمداد بالمواد النفطية والغاز الروسي . ومن المؤكد أن قيمة التبادل التجاري بين ​روسيا​ وتركيا البالغ 60 مليار دولار سنوياً سيتناقص بشكل عامودي وسريع".