يتأكد يوما بعد يوم ان الأزمات التي يعاني منها لبنان سياسيا واقتصاديا وحتى اجتماعيا، مع وجود حوالي مليوني نسمة بين نازحين سوريين ولاجئين فلسطينيين وعمال اجانب، لن تحل الا مع التسوية الإقليمية لازمات المنطقة.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه، متى وكيف ستتمكن سوريا وبمساعدة الامم المتحدة من وضع حد للحرب الدائرة فيها، والتوصل الى حل سياسي، وكذلك اليمن، اضافة الى العراق؟
تقول مصادر دبلوماسية عربية وسياسية لبنانية ان ​مفاوضات جنيف​ متعثّرة وخصوصا لجهة مفهوم المرحلة الانتقالية بنظر فريق المعارضة المدعوم من السعودية وتركيا، تضعه شرطا مسبقا لاي تسوية، وهو يتمحور حول رحيل الرئيس السوري بشار الأسد، بينما مفهوم الحكومة السورية وإيران وروسيا للتسوية هو بداية الاتفاق على وقف العنف، ومن ثم اجراء تعديلات دستورية أساسية، واجراء انتخابات رئاسية، يحق للأسد الترشح مثله مثل اي مواطن سوري آخر، وهذه هي نظرة النظام السوري لحل الازمة.
وتشير المصادر الى ان إقصاء الرئيس السوري والتفاوض مع الدولة والجيش والشعب، الذي لا يزال يؤيده، خصوصًا وان هناك تلازما عضويا بين الجيش والناس والنظام، معناه ان من يسعى الى ذلك يريد ان يأخذ بالتفاوض ما لم يستطِع أخذه في الميدان، وهذا امر يناقض ولا يستوي مع اي حالة من حالات التفاوض في مثل هذه الأزمات.
ورأت المصادر ان هناك خلافا في وجهات النظر بين حلفاء سوريا، حيث ان الروس يعملون على حل الازمة عبر مفاوضات جنيف ويستعجلونه، وخاصة وان الرئيس الأميركي الحالي باراك اوباما حسب ما تعتقده موسكو، سيتعاون بشكل إيجابي معها لايصال جنيف الى خواتيم إيجابية. لكن في اعتقاد طهران و"حزب الله"، رغم أنهما لم يرفضا التوجه الروسي، ان واشنطن ليست جادة، وان الادارة الاميركية الحالية ستترك هذا الملفّ للرئيس الاميركي الجديد، لا سيّما مع دخول الحملة الرئاسية الاميركية في ربعها الاخير، وان فشل جنيف سيكون عنصرا لصالح النظام لانه سيُبقي الأسد في الحكم عاما آخر على الأقل، اضافة الى ان نجاحه اليوم سيتطلّب تنازلات من النظام السوري، وهذا ليس في مصلحته.
وتؤكد المصادر ان "حزب الله" شارك في الحرب السورية لأسباب ومعطيات، ولن يخرج منها الا بعد ازالتها، بالرغم من الاثمان الباهظة التي يدفعها هناك، اضافة الى ان تدخله جنّب لبنان رغبة عدد من فصائل المعارضة المسلحة، وفي طليعتها "النصرة" و"داعش"، جرّ البلد الى هذه الحرب، عبر التصدي لهاتين الآفتين في البقاع خاصة وفي مناطق لبنانية عدّة.
اما في اليمن وبحسب المصادر نفسها فإنّ الولايات المتحدة الاميركية كانت وراء وقف اطلاق النار ودعوة الحوثيين والمملكة العربية السعودية للتفاوض، وان المعطيات المتوفرة حتى الان توحي بوجود توجّه لإعطاء السعوديين بعض الإنجازات او الأرباح التي لم تتبلور بعد، وهذا يتطلب ايضا مزيدا من الوقت.
في العراق، تعتقد المصادر ان قرار القضاء على "داعش" هو قرار أممي وبالتحديد أميركي، لكن تنفيذه ينتظر حجم المكاسب السياسية التي يمكن ان تجنيها واشنطن بشكل خاص من التركيبة العراقية الجديدة، وهذا ايضا بحاجة الى بعض الوقت، وربما لن يحصل في عهد باراك اوباما.
ان الاعتقاد السائد لدى هذه المصادر ان دول المنطقة ومنها لبنان، سيبقى على هذه الحالة من المراوحة بانتظار الانتخابات الاميركية الجديدة، وشخصية الرئيس الاميركي العتيد، التي تعتقد الدول المناهضة لإيران انه في أقصى الحالات لن يتبع سياسة المهادنة مع طهران كما فعل اوباما، وهذا لن يحصل ايضا قبل عام او اكثر.