لم ينته مسلسل ​النفايات​ في لبنان بعد، ففي كل مرة نشاهد حلقة مثيرة منه، وحلقة اليوم تتمحور حول مشروع معالجة النفايات عبر تقنية التفكك الحراري أو المحرقة، الذي أعدّته بلديّة بيروت وأرسلته الى مجلس الوزراء لنيل الموافقة عليه وتنفيذه.

بدأت الفكرة في عهد رئيس ​بلدية بيروت​ السابق بلال حمد، فبتاريخ 10 كانون الاول من العام الماضي اتخذ المجلس البلدي قرارا حمل الرقم 856 وقضى بتكليف برنامج الأمم المتحدة "UNDP"، وضع دراسة جدوى مالية واقتصادية متعلقة بموضوع تلزيم معالجة نفايات بيروت الإدارية إضافة الى تحضير دفتر شروط لهذه الغاية، وقد وقع محافظ بيروت زياد شبيب العقد مع "UNDP"، منتصف شهر نيسان وأقره المجلس البلدي في جلسته بتاريخ 28 نيسان 2016. مع الإشارة الى أنّ بلدية بيروت قد دفعت مبلغ 30 مليون دولار أميركي الى مجلس الانماء والإعمار كمساهمة منها ببدء تنفيذ خطة الحكومة لمعالجة أزمة النفايات. ولكن ما هي الخلفيّة التي انطلقت منها البلديّة في إعداد هذا المشروع؟.

تشرح مصادر مطلعة لـ"النشرة" أن أزمة تيار "المستقبل" الماليّة هي السبب الرئيس لكل للمشاريع المقترحة في البلدية المذكورة منذ ما قبل الانتخابات البلدية الأخيرة حتى اليوم مع تسلّم جمال عيتاني رئاسة البلدية، مُذَكِّرة بقضية العقارات على شاطىء "الرملة البيضا" وكيف كادت بلدية بيروت ان تشتريها بمبلغ خيالي يفوق المئة مليون دولار، وكيف اتضح آنذاك أن العقارات لا تزال تدور في فلك رئيس تيار "المستقبل" ​سعد الحريري​. وتضيف: "بعد ان جفّت مصادر الأموال السعودية للتيار الأزرق، إنطلق الأخير في رحلة البحث عن مصادر مداخيل جديدة للمتموّلين فيه، فكل مشروع يجب ان يمر تحت أيدي هؤلاء".

وتقول المصادر: "اذا ما دقّقنا في اعمال البلدية في الأعوام الستّة الماضية فقط، سنجد أن أكثرية المشاريع والأعمال قد قامت بها شركات تدور في فلك تيار "المستقبل" لا بل أكثر من ذلك تكاد تكون تابعة له لا مقرّبة منه فحسب، ونذكر منها شركة "لاسيكو" لأصحابها سليم دياب وبلال العلايلي والتي استلمت مشاريع عديدة منها وضع الدراسات لتحويل الملعب البلدي الحالي في الطريق الجديدة الى مركز مدني بيئي ومواقف للسيارات، اعداد الدراسات للملعب البلدي الجديد في قصقص، مشروع مسح الأبنية القديمة في العاصمة وغيرها عبر مكتب خالد شهاب للهندسة، وهو نقيب المهندسين الحالي، شركة "خطيب وعلمي" وهي المقربة جدا من رئيس حكومة سابق، وشركة "الجهاد" لصاحبها جهاد العرب الفائز بمناقصة مطمر الكوستابرافا بعد ان نال السعر الادنى رغم تخفيضه مبلغ 12 مليون دولار بين المناقصة الأولى والثانية"، لافتة النظر أيضًا الى الشركة الفائزة بمناقصات دفاتر السوق وجوازات السفر البيومترية، وأخيرا مناقصة الميكانيك التي يلفّها الغموض ومن المتوقّع ان تشهد أخذ وردّ وشكاوى قضائيّة، وهي شركة هشام العيتاني المقرب من وزير مستقبلي. وتشير المصادر الى ان تيّار المستقبل يسعى للإستفادة من كل المشاريع التي تقوم بها بلديّة بيروت، وهو اليوم يطرق باب ملف النفايات لجعل بيروت مستقلة عن محيطها (الضاحية الجنوبية والضاحية الشمالية)، واستعمال المحارق التي لطالما حذّر الخبراء البيئيون من كونها خطرة للغاية بحال لم يتم احترام المعايير العالميّة في استخدامها، وما يعتريها من خلل يهدّد سكان المنطقة".

يقال في الكواليس ان لبلديّة بيروت ثلاثة مفاتيح، ومن يجمعهم ينجح بالسيطرة على "خيرات" البلدية والمدينة، والمفاتيح هم المحافظ بيروت ورئيس البلدية، وقائد البلدية. ولدى السؤال عن هوية هذا القائد يأتي الجواب بأنه المقاول جهاد العرب. فهل استطاع احدهم جمع المفاتيح الثلاثة؟.