توحي الأجواء السياسية في البلد، خصوصاً في الشأن المتعلق بمبادرة الرئيس ​سعد الحريري​ الرامية إلى إنهاء الشغور في الرئاسة الأولى، وتطبيق الميثاقية، من خلال تبنّيه ترشيح العماد ميشال عون، بأن الفرَج بات قريباً، وستعود عجلة مؤسسات الدولة إلى الدوَران، ولو تأخّر الحل وحاول بعض المتضررين من وصول رئيس التغيير والإصلاح إلى بعبدا، الصراخ لعرقلة عملية الانتخاب لتأخيرها، أو لرفع سقف مطالبهم الخاصة، لكن مهما جهدت الأطراف المحليةلعزل لبنان عن محيطه، يبقى هذا الجهد مجرد أضغاث أحلام، برأي خبراء في الشؤون المحلية والإقليمية، يؤكدون أن تطورات الوضع الإقليمي سيكون لها تأثير حتمي على مسألة الرئاسة اللبنانية، ويقولون: "يكون هناك رئيس أو لا يكون في 31 الجاري أو الشهر المقبل، فهذا الأمر وفقاً لما يكون عليه الحال في حلب والموصل".

ويضيف الخبراء: "إذا نجحت الولايات المتحدة في تأخير الحسم الميداني في المدينتين المذكورتين، فلن يكون هناك رئيس في لبنان، أما إذا انقلبت موازين القوى في الميدان بشكل سريع لمصلحة محور المقاومة، فعند ذلك يصبح التفاؤل الذي يسود البلاد بقرب إنهاء الشغور الرئاسي مبرَّراً، ويعود رئيس التيار الوطني الحر إلى قصر بعبدا، وهذا ما اختاره حزب الله منذ سنتين ونصف".

وعن تمسُّك النائب سليمان فرنجية بترشحيه، يرجّح الخبراء استمرار رئيس تيار المرده في معركته الرئاسية حتى النهاية، مادام يحظى بتأييد كتل نيابية وزانة، فإما أن يُنتخب رئيساً، أو يكون معارضاً قوياً، وقد يعيد أمجاد "جبهة الخلاص" التي أسسها جدّه الرئيس الراحل سليمان فرنجية.

وعن محاولة "تيار المستقبل" تعميم أجواء إيجابية عن المشاورات التي يجريها الحريري، يؤكد الخبراء أن هذا التعميم هو محاولة لاستنهاض "الشارع الأزرق"، لاسيما بعد الانشقاقات التي تضربه، أبرزها حركة الوزير المستقيل أشرف ريفي، بالإضافه إلى تردّي الوضع المالي لرئيس الحكومة الأسبق، علّ الأجواء الإيجابية تُسهم في عودته إلى السرايا ورفع معنويات جمهوره وموظفيه، ومحاولة تأخير إعلان إفلاس شركة "سعودي أوجيه"، ريثما ينجح في إنجاز مبادرته الرئاسية، على حد قول الخبراء.

في المحصلة، كشفت المبادرة المذكورة مَن هي الجهة الحقيقية المعطِّلة لانتظام عمل المؤسسات في الدولة، وفي مقدمها الرئاسة الأولى، كذلك أكدت صدقية حزب الله وتمسُّكه بحلفائه حتى النهاية، فهو قطع وعداً ووفى، وبرَّ أمينه العام السيد حسن نصر الله بعهده أن "للعماد عون دَين في رقباتنا إلى يوم الدين"، وها هو يوفي الدَّين.

كذلك كشفت المبادرة الحريرية أن صاحبها طالب سلطة لا أكثر، فقد تخلّى عن جميع مرشيحه السابقين لرئاسة الجمهورية في سبيل العودة إلى "السرايا"، وهي ليست الانعطافة الأولى، ففي السابق قفز من فوق كل الحواجز وذهب إلى دمشق والتقى الرئيس السوري بشار الأسد من أجل تثبيت حكم الحريرية في لبنان، بعدما اتهمه باغتيال والده، وتنصّل من كل الاتهامات التي ساقها في حق سورية، بذريعة أنه كان ضحيه تضليل "شهود الزور"، فهل سنشهد انعطافة حريرية مماثلة؟