لم يكن للرسالة التي بعث بها الرؤساء السابقون أمين الجميل وميشال سليمان وفؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وتمام سلام، إلى رئيس القمة العربية، والتي تضمّنت مواقف سلبية من حزب الله، أي مفاعيل على المستوى الإقليمي، وعاد الرؤساء برسالتهم هذه إلى «اللغة الخشبية» للرئيس السابق للجمهورية ميشال سليمان؛ لجهة التذكير ببيان بعبدا وبسياسة النأي بالنفس.

كان لافتاً في تلك الرسالة عدم ذكر البيان للعدوانية "الإسرائيلية"، ولا للمطامع "الإسرائيلية" المعلَنة بالغاز والنفط اللبنانيَّين، ولا للخروقات "الإسرائيلية" للسيادة اللبنانية، ولا للاحتلال "الإسرائيلي" لأراضٍ لبنانية.

الأكثر استغراباً كان توقيت الرسالة، فقد بُعثت في وقت تشهد القمة العربية موقفاً لبنانياً موحَّداً للمرة الأولى منذ سنوات، تجلّى بحضور الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري في اجتماع القمة في الأردن؛ فهي استهدفت وحدة الموقف اللبناني، خصوصاً لجهة «الحرتقة» على رئيس الجمهورية، الذي عبّر في كلمته في القمة عن وجدان كل مواطن لبناني، وانحاز خلالها انحيازاً كاملاً للوطن؛ بكل مناطقه وطوائفه ومذاهبه، وأطلق فيها أيضاً مواقف سياسية مُحقّة من النزوح السوري الذي بات يوازي مع اللجوء الفلسطيني عدد سكان لبنان.

وما تميزت به كلمة الرئيس عون التي عبّرت عن شجاعة لبنانية، دعوته لوقف الحروب بين الإخوة العرب، والجلوس إلى طاولة الحوار، "وإلا ذهبنا جميعاً عمولة حل سيُفرض علينا"، على حد قوله.

لاريب أن "رسالة الرؤساء" تلاقي الاحتجاجات "الإسرائيلية" على موقف عون من المقاومة، والكتب التي بعثت بها حكومة العدو إلى الأمم المتحدة.

وفي هذا الصدد، سألت مصادر ساسية طرابلسية: هل جاء بيان "رؤساء السفارة" بناء لأوامر أميركية ودفع سعودي، وانعكاساً لرغبة "إسرائيلية"، خصوصاً أنه يلاقي الاحتجاجات "الإسرائيلية" على موقف رئيس البلاد من المقاومة؟

وتؤكد المصادر أن "الرسالة" ستكون لها مفاعيل انتخابية سلبية، خصوصاً على الوضع الانتخابي للثنائي الجميّل - ميقاتي، لاسيما على المستقبل السياسي للأخير، الذي رفع شعار الوسطية في خيارات نهجه السياسي.

واستغربت المصادر هذه "السقطة" لرئيس الحكومة الأسبق، سائلةً: كيف يدّعي الوسطية وهو يحاول أن يزايد على الوزير أشرف ريفي في المواقف التصعيدية المذهبية، لكسب بعض الأصوات في معركته الانتخابية؟!

وتعتبر المصادر أن ميقاتي أضاع من أمامه فرصة العودة مجدداً إلى السرايا، خصوصاً بعدما قرر حزب الله مقاطعة "الرئيس الوسطي"، لاسيما أن الرئيسين السنيورة وسلام هما عضوان في "تيار المستقبل"، ولن يكونا في موقع المنافسة مع الرئيس سعد الحريري، وفي الوقت نفسه لن يكسب عطف مؤيدي ريفي ونهجه، لاسيما أنه ترأس "حكومة حزب الله"، وحلّ محل الحريري في السرايا الكبيرة في العام 2011، وهذا التاريخ مايزال عالقاً في أذهان مؤيدي الحريري وريفي معاً.

إذاً، ما أقدم عليه الرئيس ميقاتي ليس سوى تسديد كرة في مرماه، ولن يثمر توقيعه على الرسالة المذكورة في السياسة الإقليمية، ولا المحلية، ولا في وضعه الانتخابي أيضاً.