بمناسبة عيد العمل العالمي في الأول من ايار، لا بد من التوقّف عند أوضاع عمال ​لبنان​ وأوضاعهم المعيشية والنقابية والافق المسدود أمام تحركاتهم المطلبية. وعندما نأتي على ذكر العمال، لا نعني فقط العاملين في المعامل والمصانع والشركات، بل كل يد تعمل وتُنتج، مهما كان نوع العمل الذي تقوم به، في المؤسسات العامة والخاصة، والمزارع والفلاح وصيّاد السمك وسائق الأجرة إلخ... فحتى ربّات البيوت هنّ عاملات في خدمة عائلاتهنّ، فاليد العاملة مباركة.

يواجه عمال لبنان اليوم تحديات جمّة أبرزها:

التدخّل السياسي الفاضح في أمورهم النقابية، وإستخدام السلطة كل أدواتها الضاغطة وأسلحتها المذهبية والطائفية بالإضافة إلى التهويل والترغيب، لفرض هيئة نقابية توالي السلطةولا تلتفت إلا خجلاً إلى مصالح العمال ومطالبهم، وتجلّى ذلك واضحًا في الإنتخابات الأخيرة لهيئة التنسيق النقابية، حيث تكتّلت كل قوى السلطة وأضدادها لتغيير الهيئة وإسقاط رئيسها حنا غريب.

تعاون رأس المال مع سلطة الفساد إلى حدّ التآمر على حقوق العمال، وذلك بالصرف التعسّفي للعمال اللبنانيين وإستبدالهم بالأجانب، بسبب تدنّي أجور اليد العاملة الأجنبية، وتكاليف الضمان للعامل اللبناني، وبسبب عدم وجود سلطة تطبّق القانون وتحمي اليد العاملة الوطنية...

ضآلة الحد الأدنى للأجور، وعدم قدرة العامل اللبناني بأجره المتدنّي، على تأمين الحياة الكريمة لعائلته وإضطراره أغلب الأحيان إلى القيام بأعمال إضافية، إذا توافرت، لتأمين القوت اليومي.

عدم قيام وزارة العمل بواجبها الوطني بتفعيل مكاتب التوظيف للعامل اللبناني، وحمايته من تعسّف أرباب العمل والصرف التعسّفي، في ظل الإرتباك الحاصل في مؤسسة الضمان الإجتماعي وفضائح الفساد التي أثيرت ولم تتمّ إتخاذ الإجراءات الكفيلة بحفظ الحقوق المادية للعمال.

ضعف معدّل النمو وإنعدام الإستثمارات في ظل الوضع الأمني المتقلّب، فرأس المال الذي يُعرف بالجبان، غير مستعدّ للإستثمار بسبب الفساد المستشري في الإدارة العامة، وغياب الضوابط التي ترعى الإستثمار، وبالتالي عدم خلق فرض عمل إضافية وزيادة نسبة ​البطالة​.

إرتفاع معدّل البطالة بنسبة مخيفة وغياب الحلول المرتقبة من قبل المسؤولين لمعالجة هذه المشكلة الرئيسة، وهذا ما يساعد على إرتفاع معدّل الجريمة، لأن الفقر يشكل بيئة حاضنة للجرائم، وحتى للإرهاب.

لكن مع الغبن اللاحق بحق العامل اللبناني، يقتضي أن نشير، وإحتراماً للموضوعية وحقوق الإنسان، إلى إنعدام حقوق العامل الأجنبي في لبنان وبالأخص عاملات المنازل، اللواتي يعملن طيلة النهار، وطيلة أيام الأسبوع وحتى أيام العطل دونما إنقطاع، بأجر زهيد لا يوازي 20% من الحد الأدنى للأجور المعترف به في لبنان، وتعرّضهن في أغلب الأحيان، إلى القسوة في المعاملة وإستعمال الشدّة بحقّهن، مما يدفع بعضهنّ إلى إقتراف الجرائم حتى قتل المستخدم أحياناً.

ما يحصل بحق العمال الأجانب وخصوصاً اللواتي يعملن في المنازل، هو مشين بحقّ لبنان وإحترامه لحقوق الأنسان.

يبقى لنا ان نسأل العمال اللبنانيين:

أنتم المدماك الأساسي للعمل ورأس مال الأمة، أنتم الكادحون الطيبون الذين يعملون بدأب وجهد، تُراكمون رؤوس أموال الأغنياء وتبنون قصورهم والمشاريع، "بتشهقو... ما بتلحقو" لتأمين لقمة العيش، أنتم بناة الوطن وإقتصاده، وأنتم القوة الشعبية العارمة التي يهابها الفاسدون إذا كنتم موحّدين، فلا تسكتوا عن هضم حقوقكم وسلب لقمة عيشكم... أين أنتم من كل ما يجري من سرقة لتعبكم وجهدكم والعرق؟ أين نقاباتكم الناشطة التي يُفترض بها أن ترعى حقوقكم ومصالحكم؟ أين رفضكم لتدخّل السياسيين والطائفيين في عملكم النقابي الشريف؟ أين تحرّكاتكم في الشارع ومظاهراتكم وإحتجاجاتكم ووقفاتكم التي وحدها تُلزم السلطة بإعطائكم حقوقكم؟.

أين أنتم يا عمّال لبنان؟