تحتضن الضاحية الجنوبية لبيروت عدداً كبيراً من المواطنين "العراسلة" الذين نزحوا اليها منذ اكثر من 40 سنة، في حي سُمّي على إسم البلدة البقاعية "حي ​عرسال​" بمنطقة ​بئر حسن​، ففي ظل الوضع الراهن والصورة النمطية التي رسمت لهذه البلدة بعد ​الاحداث السورية​ الاخيرة "كمصدّرة للارهاب"، كيف هو حال اهالي عرسال القاطنين في البقعة الجغرافية المحسوبة سياسياً وأمنياً على خط سياسي معيّن؟.

الطالب "العرسالي"محمود عزالدين يتكلم براحة تامة عن حياته في الضاحية الجنوبية، يقول ان "كل الناس خير وبركة في هذا الحي، فهناك صورة نمطية خاطئة عالقة في أذهان الناس، عن وضعنا في هذه المنطقة، الحقيقة أنه ليس هناك اي تعديات علينا ولا نتعرض لاي اهانات ولا نحسب غرباء عن هذه البيئة ولا يتم التعامل معنا بطائفية كما يشاع، فهناك احتضان كبير من قبل ​حزب الله​ و​حركة امل​، واذا حصل وتعرضنا لمكروه، يقف معنا الشيعي قبل السني لمساندتنا".

من جهته يعرب النجار أبو محمد عن فخره ببلدته عرسال "لانها مسقط رأسي"، موضحاً انه "منذ 40 سنة نعيش في حي عرسال بالضاحية، وعلاقتنا مع الجيران جيدة جداً، نتشارك السراء والضراء دون تمييز او شعور بالاختلاف المناطقي او المذهبي، وحتى الاحزاب المسيطرة هنا هم احبابنا واهلنا ولم نتعرض لأي مكروه منهم او من غيرهم".

وللتعايش المشترك مثال يحتذى به في الضاحية الجنوبية لا يتمثل بالجيرة والمصاهرة فحسب، إنما بالعلاقات المهنية أيضاً. حسين عز الدين وشريكه محمد ناصر الدين هما العبرة لكل من فكر ان يدسّ السم بالعسل. يلفت الأوّل الى أنني "أسكن في حي عرسال منذ 35 سنة، وشريكي المهني محمد ناصر الدين من ​بلدة الهرمل​ البقاعية، وتربطنا علاقة قوية جداً، فليس هناك اي اشكالات انما نتميز بترابطنا وزياراتنا المتبادلة".

وللتجار القادمين من خارج الحي نظرة لا تختلف عن كل ما سمعناه، إذ يدعو بائع السمك المتجول "كل من يأخذ فكرة سيئة عن أبناء عرسال أن يأتوا الى الحي بالضاحية للاختلاط واختبار طينتهم، وليحكموا عليهم من بعدها".

أما إبنة ​بعلبك​ فاطمة القاطنة في حي عرسال فرأيها لا يختلف بطبيعة الحال عن آراء جيرانها الذين عاشروا أبناء عرسال. تشير المرأة البعلبكية الى ان "عشرة عمر تربطنا بأهالي عرسال، فلا خلافات ولا مشاكل بيننا، الجميع متكاتفين في وجه الصعوبات والمحن".

إضافة الى كل ذلك، لعرسال والضاحية قاسم مشترك مشرّف يجمعهما وهو المقاومة، إذ قدمت البلدة البقاعية العديد من ابنائها في المواجهات ضد ​اسرائيل​، خلال انخراطهم في صفوف جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية. اذاً، هذه هي صورة عرسال الحقيقية وأيقونة الضاحية.