من خلال كل الإستعدادات في بيروت، يتبيَّن أنَّ الساعة الصفر اقتربت في البقاع.

المجلس الأعلى للدفاع​ ينعقد في ​قصر بعبدا​ برئاسة رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​، وأبرز نقطة في مداولاته، التي تكون سرية، الجرود سواء تلك التي تمت استعادتها أو تلك التي اقتربت استعادتها.

وتفيد دوائر القصر الجمهوري أنَّ القادة العسكريين والأمنيين حضروا إلى اجتماع القصر ومعهم معطياتهم وتقاريرهم حول النقاط الأمنية الساخنة، ولا سيَّما تلك الموجودة على الحدود الشرقية والتي يتواجد فيها مسلحو داعش. وما هو المسار الذي ستتخذه المعركة.

وليس من باب المصادفة أنَّ طائرة حربية أميركية حطَّت في ​مطار رياق​ العسكري، لتفرغ ذخيرة لمصلحة ​الجيش اللبناني​ الذي بدأ يمهد للمعركة من خلال عملية القضم للمنطقة الشاسعة التي يُسيطر عليها داعش والتي تقدَّر بنحو 141 كيلومتراً مربعاً.

أما ​مجلس الوزراء​ فينعقد اليوم في السراي الحكومية وعلى جدول أعماله 34 بنداً، وليس فيها البند المنتظر وهو بند ​الإنتخابات النيابية​ الفرعية في كسروان وطرابلس.

ولم يعد سراً من الأسرار أنَّ هناك مَن يحبذ عدم إجراء هذه الإنتخابات لأسباب ظاهرة وضمنية، ففي الأسباب الظاهرة هناك مَن يعتبر أنَّ الستة أشهر المتبقية غير حرزانة لملء هذا الفراغ، فيما يعتقد البعض الآخر في الأسباب الضمنية غير المعلنة أنَّ الإنتخابات الفرعية ستؤدي إلى المعطيات التالية:

كشف أوراق القوة وأوراق الضعف للقيادات، ولا سيَّما في طرابلس.

وصول العميد شامل روكز إلى الندوة البرلمانية قبل الوزير جبران باسيل، ولهذا المعطى دلالاته سواء على المستوى السياسي العام أو على مستوى ​التيار الوطني الحر​.

ربما للأسباب الظاهرة والمضمرة، فإنَّ الإنتخابات النيابية الفرعية آيلة إلى عدم الإجراء إلا إذا كان هناك تمسك من أحد المراجع بإجرائها، وعندها لا حول ولا قوة.

***

وهناك العقدة الكأداء المتمثلة في ​سلسلة الرتب والرواتب​ وفي الإيرادات المفترضة لها. اليوم، القانونان موجودان على طاولة رئيس الجمهورية، والقرار عنده في توقيعهما أو ردّهما إلى مجلس النواب. رئيس الجمهورية يُحكِّم عقله وتعاطفه مع الأكثرية الساحقة من الشعب اللبناني، التي لا تحتمل الزيادات في ظل الوضع الإقتصادي المتدهور، لذا فهو يتريث في اتخاذ القرار الذي ستُبنى عليه أمور كثيرة عند اتخاذه، ففي حال عدم التوقيع فإنَّ المناقشة ستعود إلى مجلس النواب، أما في حال التوقيع فإنَّ الوضع الإقتصادي سيكون دقيقاً للغاية، لأنَّ مئة ألف ويزيد من موظفي القطاع العام سيستفيدون من الزيادات، في حين أنَّ أكثر من ثلاثمئة ألف من موظفي القطاع الخاص لن تلحقهم الزيادات.

وفي ظلِّ هذا التفاوت ستبدأ التوترات الإجتماعية من دون أن تحقق السلسلة غايتها المنشودة.

في الوقت الذي سيعاني فيه القطاع الخاص من انعكاسات من دون أن تلحقه الزيادات.

***

صحيحٌ أنَّ الزيادة حق، لكن في ظلِّ الوضع الإقتصادي للبلد فإنَّ الزيادة سيأتي مفعولها عكسياً.

وهذه المعطيات كلها سيأخذها رئيس الجمهورية بعين الإعتبار قبل اتخاذ قراره.