بظل التطور الكبير الذي شهدته الجمهورية الاسلامية ال​ايران​ية في العقد الاخير من الزمن، احتل قطاع الطاقة مركزا متقدما، فالى جانب البرنامج النووي الايراني كان ل​قطاع الكهرباء​ حصة كبيرة من التقدم بحيث اصبح انتاج الكهرباء في ايران يقارب الـ 75 الف ميغاوات في اليوم الواحد.

تستهلك ايران حوالي 50 الف ميغاوات من الكهرباء في اليوم الواحد بحيث يتاح للمواطن الواحد استهلاك ثلاثة اضعاف ما يستهلكه الفرد في ​اوروبا​، وتمكنت بظل هذا الانتاج الضخم ان تصدر الكهرباء لعدد من الدول ابرزها ​العراق​ و​تركيا​ و​اذربيجان​. ومن مجموع هذه الكمية الضخمة تنتج شركة "mapna"، حوالي الـ 50 الفا عبر الغاز الذي يشكل 60 بالمئة من انتاجها، والبخار 30 بالمئة، والماء 10 بالمئة. كذلك تمتاز هذه الشركة بحسب معاون مدير الانتاج فيها آجلي بكونها الشركة الاولى والوحيدة في ايران و​الشرق الأوسط​ وآسيا الغربية التي تنتج الكهرباء عبر تقنية "الهواء" بعد "تلقي" هذا العلم من المانيا، وهذا ما سنتحدث عنه في موضوعنا.

لا زال انتاج الكهرباء عبر الهواء في بدايته اذ تملك الشركة ثلاثة مزارع للهواء موزعة في شمال ايران، وشمال شرقها وشمال غربها. وفي زيارة لـ"النشرة" الى محطة "كهك" في قزوين يتضح ان هذه المحطة قادرة على انتاج ما مجموعه 55 ميغاوات من الطاقة، وفيها مراوح الهواء الموزعة على مساحة الاف الامتار. واللافت في الأمر ان الشركة تبني المراوح والمحركات ذاتيا دون الحاجة الى استيراد أي قطعة من الخارج، وبحسب آجلي فإن "MAPNA" التي تمتلك 41 فرعا في ايران ويعمل فيها ما يقارب الـ 15 الف موظف، قادرة على انتاج 100 مروحة في العام أي 300 شفرة وبتقنية عالية ومعايير عالمية. ويضيف آجلي في حديث لـ"النشرة": "إن هذه التقنية من ​الطاقة المتجددة​ انطلقت بسبب التلوث الكبير الموجود في ايران، وهي قادرة عبر محطة واحدة منها أن تمنع انبعاث 6500 طنا من مادة ثاني اوكسيد الكربون في العام الواحد، وبعد 20 عام تكون قد منعت انبعاث 3 مليون طن من هذا الغاز السام، اضافة الى توفير 105 مليون طن من المياه، و45 مليون طن من ​المحروقات​".

وخلال الزيارة قدم المهندس المشرف على محطة "كهك" سعيد وحيدي شرحا مفصلا حول عملية بناء وتركيب المحطة، ويشير في حديث لـ"النشرة" الى أن 22 مولدا يتولون عملية انتاج الطاقة بحيث تشكل هذه المحطة المصنع الاكبر لتوليد الكهرباء عبر تقنية الرياح. ويضيف: "إن سرعة المروحة لا تتغير مع تغير سرعة الريح وهي بحاجة الى سرعة هواء تصل الى 3 امتار في الثانية كي تعمل، ولا يجب أن تزيد عن 25 مترا في الثانية والا يتوقف المحرك عن العمل"، كاشفا ان الشركة تصنّع مولدات بطاقة 2 ميغاوات ونصف، وهي بصدد تصنيع مولدات تصل قدرة انتاجها الى 4 ميغاوات ونصف. ويلفت وحيدي النظر الى أن المساحة التي يجب ان تفصل العامود عن الاخر تصل الى حوالي 500 متر مربع مع العلم ان هذا الأمر يتحدد بدقة بحسب سرعة الرياح، مشيرا الى ان نسبة الريح التي تتحول الى طاقة في هذه المحطة تصل الى 40 بالمئة.

وكشفت الشركة على لسان آجلي نيتها التوسع لخارج ايران، مشيرا الى انها قادرة على اعداد الدراسات لبناء محطات الطاقة بمختلف انواعها في أي مكان حول العالم، بحيث تحتاج الى حوالي العام لانهاء الدراسة ومن بعدها تبدا عملية تركيب المولدات حسب الطلب خصوصا وان قدرة المحطات على الانتاج تتراوح بين 5 و 370 ميغاوات، مشددا على اعتماد المعايير الدولية المطلوبة وبظل اسعار تنافسية عالية.

تعمل الشركات الايرانية اليوم على توسيع انتاجها من الطاقة المتجددة النظيفة لمواكبة التطور العالمي الذي طرأ على هذا القطاع، وفي لبنان لا زالت الدولة تبحث عن السبل الأفضل لتأمين الكهرباء، مع الاشارة الى أن شركة ​كهرباء لبنان​ تنتج يوميا حوالي الـ 1900 ميغاوات بينما يقدر استهلاك اللبنانيين للطاقة بـ 3500 الى 4000 ميغاوات يوميا حسب عدد السياح واللاجئين، فهل تتمكن الدولة اللبنانية من الوصول الى هذا الرقم في وقت قريب؟ وهل يمكن أن نرى الشركات الايرانية منافسة في السوق اللبناني؟