أطل الأمين العام ل​حزب الله​ ​السيد حسن نصرالله​ في مقابلة تلفزيونية شاملة بالأمس، تطرق فيها الى مختلف قضايا المنطقة بدءا من الاحداث الأخيرة في ​ايران​ مرورا بالوضع في ​سوريا​ وآفاق الأزمة، الى الحرب في ​اليمن​ وصولا الى الصراع ال​لبنان​ي مع ​اسرائيل​ والوضع السياسي في لبنان خصوصا لجهة الازمة بين رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ ورئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ حول ملف ضباط دورة عام 1994 أو ما يُعرف بـ"دورة عون".

رسائل نصرالله توزّعت إلى الأصدقاء والخصوم والأعداء. بداية من تثبيت ما هو مثبت بأن علاقة الثنائي الشيعي أمتن من أي وقت مضى، غير متناسٍ أهمية متانة تحالفاته خصوصاً وأنه أكد العمل على حل الأزمة العالقة بين بري وعون. والكم الأكبر من الرسائل كان واضحاً لجهة تصويبها نحو عدوّه الأول اسرائيل.

"الحرب الكبرى"، هكذا وصف نصرالله أي معركة مقبلة مع اسرائيل، غير مستبعد حدوثها "رغم أن هدفنا ليس الحرب إلا اننا حركة مقاومة"، وبالتالي أعلنها صراحة "اننا سنستغل أي فرصة في حال شنت اسرائيل حرباً علينا فسنعمل على تحويل التهديد إلى فرصة تاريخية يعني ما هو أبعد من الجليل". وعن نوعية الاسلحة التي يمتلكها الحزب، لم يجب صراحة عن امتلاكه هذا النوع من الأسلحة، إلا أن سياق المقابلة وتكرار هذا الموضوع يزيل الشك بامكانية امتلاك حزب الله لهذا النوع من الأسلحة".

نقطة أخرى كشفها نصرالله بالأمس، وهي استعداد آلاف العرب على مقاتلة اسرائيل في أي حرب مقبلة وخصوصاً أنصار الله في اليمن بقيادة ​عبد الملك الحوثي​، اضافة لتوحيد صفوف الحركات ال​فلسطين​ية في مواجهة واحدة واعادة البوصلة نحو ​القدس​ وكل فلسطين. ولم تخلُ المقابلة من بعض المعلومات المفاجئة، كمحاولة تواصل الادارة الأميركية مع حزب الله في عدة مراحل، اضافة للتعاون الاستخباراتي مع احدى دول الاتحاد الاوروبي. باختصار يمكن القول أنها كانت مدروسة من حيث الشكل والمضمون. فماذا حملت من رسائل اضافية؟.

في هذا الإطار رأى الكاتب والمحلل السياسي ​طارق ابراهيم​ ان "اطلالة نصرالله مدروسة وما يحصل اقليميًّا اخذ الحيز الاكبر منها"، لافتا الى ان "جزءًا من الاطلالة له علاقة بالملف الفلسطيني"، موضحا ان "نصرالله لم يوجه رسائل تهديد، بل وصف الوضع وهذه مسألة تؤكد ان الازمة في المنطقة معقّدة وليست بحاجة لمواقف حماسيّة، وهو توجه مباشرة للرأي العام الاسرائيلي من خلال تطرقه لمخاطر الحرب التي قد تشنها اسرائيل مستقبلا وانعكاسها على مجمل الأوضاع وتحديدا على الوضع الاستراتيجي الاسرائيلي"، مشيرا الى ان "نصرالله كان واضحا لجهة التعاون الكامل بين مختلف القوى في محور المقاومة واشارته لليمن، مع وجود الاف المقاتلين حاضرين للمشاركة في الحرب، وهي اشارة مبطنة وتتعلق ب​البحر الاحمر​ الذي يعد منفذا استراتيجيا لاسرائيل". ولفت ابراهيم الى ان "التقدير عند المحللين العسكريين في حال الحرب هو ان هناك خزان بشري كبير في لبنان وسوريا وفلسطين، وكلام نصرالله عن المواجهة الاستراتيجية اعتمد فيها على ما يحدث اليوم بمحاولة الرئيس الاميركي ​دونالد ترامب​ لوأد القضية الفلسطينية".

وأكد ابراهيم أن "الارضية جاهزة لاي مواجهة وهذه المرة ستستخدم فيها صواريخ استراتيجية"، لافتا الى أن "اي متابع مهتم بالشؤون العسكرية يدرك بعد كلام نصرالله بالامس ان جبهة القتال باتت جاهزة"، مضيفا: "المقابلة بالامس كانت مطمئنة وليست حماسيّة واعادت التأكيد على ان فلسطين هي البوصلة بالنسبة لمحور المقاومة".

وفي الوضع الداخلي رأى ابراهيم انه "لا يمكن ان نضيف شيئا على كلام الأمين العام لحزب الله فيما يخص الازمة المتعلقة بملف "دورة ضباط عون" بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري"، مؤكدا ان "نصرالله لا يمكن ان يكون خارج دائرة العلاقة الاستراتيجية مع بري"، معتبرا انه "بعد كلامه بالامس بتقديري ان الازمة ستحل على الطريقة اللبنانية على قاعدة "لا يموت الديب ولا يفنى الغنم"، مع حفظ كرامة كل من عون وبري".

من جهته رأى الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم بيرم ان "اهمية المقابلة مع السيد نصرالله بالامس هي انها ركزت على الوضع الاقليمي، والاحتمالات المستقبلية فيما يتعلق بالصراع العربي-الاسرائيلي، وان احتمال المعركة والمواجهة الكبرى وارد وأن حزب الله وحلفاءه يستعدون لها سواء بالتنسيق مع الفلسطيني بكل اطيافهم او من خلال التنسيق مع ايران وسوريا"، لافتا الى ان "الانطباع الثاني للمقابلة هو ان المعركة مع داعش لم تنتهِ بعد وهي تحتاج الى سنة او سنتين"، مشددا على ان "نصرالله وجه رسائل لمن يعنيه الامر بان حزب الله لن يكون وحده في المواجهة مع اسرائيل". وفي الشأن الداخلي رأى بيرم أن "الموضوع السياسي في لبنان تفاصيله عادية ولا شيء جديد ولهذا السبب لم يستحوذ على حيّز واسع من الحديث"، مشيرا الى ان "نصرالله يعتبر ان الخلاف بين عون وبري حول ملف الاقدمية يمكن معالجته وانه كان بالإمكان تلافي هذه المشكلة"، مضيفا: "الواضح من كلام نصرالله انه تأكيد على مواصلة التجربة السياسية مع رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ في اطار الشراكة".

في المحصلة رسم نصرالله خارطة طريق لمسار حزب الله مستقبلا، مؤكدا ان عودة الحزب من سوريا رهن بانتفاء سبب وجوده هناك، وان الحزب سيكون شريكا اساسيا في اي حرب كبرى في المنطقة، داخليا لا جديد في سياسة الحزب بالنسبة نصرالله مع الاشارة الى انه رسم الملامح الاولى لتحالفات الحزب الانتخابية باعلانه أنه سيكون الى جانب حلفائه السياسيين.