بعد أن كان الإرهابي المحكوم بالإعدام ​أحمد الأسير​ يلتزم الصمت في الملفات التي كان يحاكم فيها سابقاً، أمام ​المحكمة العسكرية​ الدائمة برئاسة العميد ​حسين عبدالله​، تراجع عن هذا القرار خلال إستجوابه اليوم في ملفين، الأول يتعلق بمعركة بحنين والثاني بملف الخلايا الأمنية التي تم تشكيلها بعد أحداث عبرا، قائلاً: "رح إمشي بالمحاكمة رحمة بالشباب".

على الرغم من ذلك، حرص الأسير، الذي أنكر تورطه بمعركة بحنين وبموضوع الخلايا الأمنية، على تأكيد عدم إعترافه بالمحكمة "طالما أن الهيمنة عليها موجودة من خلال حزب إيران وحلفائه"، الأمر الذي دفع العميد عبدالله إلى الرد عليه بالقول: "هذا رأي شخصي".

الأسير من صيدا إلى بحنين

خلال إستجوابه في الملف الأول، إلى جانب حسام الرفاعي، تحدث الأسير عن إنتقاله بعد ​معركة عبرا​ إلى منزل محمد الشريف، قبل أن ينتقل لاحقاً إلى منزل حسام الرفاعي، ومن ثم إلى منزل الشيخ ​سالم الرافعي​ في ​طرابلس​، قائلاً: "أحرجنا الشريف والرفاعي من خلال الإنتقال إلى منزلهما".

وأشار الأسير إلى أنه كان برفقة شقيقه مجد وأولاده، كاشفاً أن الرفاعي هو من تولى نقلهم بسيارته إلى طرابلس بناء على طلبه، في حين أنهم كانوا قد حلقوا لحاهم، وعند المرور على الحواجز الأمنية كانوا يختبئون في "الصندوق"، في حين مكثوا عند الرافعي أقل من اسبوع، حيث أبلغهم أنه يريد السفر خارج ​لبنان​ وأمن لهم منزلاً آخر في محلة التبانة.

وكشف الأسير أنه بعد ذلك تم نقله إلى الشيخ خالد حبلص في بحنين، موضحاً أنه بعد فترة طلب من حبلص استئجار منزل له، لافتاً إلى أن الشيخ المذكور سعى إلى نقله خارج لبنان، بناء على طلب الأسير، لكنه لم يفلح في ذلك، بالرغم من أنه في البداية عرض عليه عدم ترك الساحة، إلا أن الأسير كان مصراً على السفر.

وأكد الأسير أن الشيخ حبلص كان لديه حالة خاصة في المنية، حيث كان شبابه يحرسون المسجد مسلحين بعد حادث تفجير ​مسجدي السلام والتقوى​ في طرابلس، كاشفاً أنه دعم هذه الحالة مادياً بنحو 100 ألف دولار، لكن ليس من أجل شراء الأسلحة.

لا علاقة لي بالخلايا الأمنية

على صعيد متصل، شدد الأسير على أنه بعد معركة عبرا لم يطلب من أحد أسلحة وكان يمنع التواصل مع أي شخص خوفاً على أمنه، لافتاً إلى أن معتصم قدورة هو من أخبره أن شاهين سليمان يسعى إلى تشكيل خلايا أمنية، مشيراً إلى أنه طلب منه أن يقنع سليمان بأن هذا العمل غير مفيد، إلا أن شاهين لم يقتنع.

وأوضح الأسير أنه بعد ذلك حصل لقاء بينه وبين سليمان في منزل الشيخ حبلص، عرض سليمان فيه فكرة تشكيل خلايا أمنية إلا أن الأسير رفض ذلك، وأقنعه بأن ردة الفعل ستكون سلبية، وبأن من هم معه ردة فعلهم عاطفية وليست جدية.

وكشف الأسير أن كل من فادي السوسي ومحمد النقوزي كانا قد انتقلا قبله إلى بحنين، ولدى وصوله سألاه عما يريد أن يقوم به فأكد لهما أنه يريد مغادرة لبنان، الأمر الذي دفع السوسي إلى الإنتقال إلى ​سوريا​ في حين قرر النقوزي البقاء في طرابلس، قائلاً: "مجموعتنا العسكرية كانت قد انتهت وطلبتُ من الجميع أن يدبروا أنفسهم"، مؤكداً أن تدريب النقوزي لمجموعات تابعة للشيخ حبلص لم يكن بناء لطلبه.

"داعش" ومعركة بحنين

من جهة ثانية، كشف الأسير أنه عند بداية أحداث بحنين كان في منزل الشيخ حبلص، لا سيما أن الجيش كان قد دهم المنزل الذي كان يقيم فيه، لافتاً إلى أنه لام الشيخ حبلص على الخطبة التصعيدية التي ألقاها حينها، إلا أن الأخير قال له أن العاطفة أخذته.

وأوضح أنه بعد إنتهاء المعركة تم نقله إلى منزل يقع غربي منزل الشيخ حبلص يملكه شخص يدعى فادي عاكوش "أبو رياض"، لافتاً إلى أنه عند حصول إطلاق النار قال الشيخ حبلص: "مين الحمار يلّي أطلق النار"؟، وبعد ذلك تم نقله إلى منزل آخر عبر البساتين إلا أن صاحب المنزل رفض أن يستقبل الأسير ومن معه، ما اضطرهم إلى البقاء في البساتين ساعات.

وكشف الأسير أنه بعد ذلك طلب من معتصم قدورة الإتصال بشاهين سليمان لتأمين نقله إلى ​مخيم عين الحلوة​، عبر الشاحنة التي يملكها، مضيفاً: "كنا نجلس في المقعد الخلفي من الشاحنة، وعند الحواجز كان سليمان يقول إن الحمولة زبل (فضلات حيوانات)".

وأوضح الأسير أنه في البداية تم نقله إلى منطقة شرحبيل، وفي اليوم التالي دخلوا خلسة إلى مخيم عين الحلوة عن طريق الحسبة، لافتاً إلى أنه في المخيم أقام في أكثر من منزل قبل أن ينتقل في الفترة الأخيرة إلى منطقة التعمير.

ورداً على سؤال لممثل النيابة العامة في المحكمة القاضي هاني حلمي الحجار حول كيفية تنكره عندما كانت لحيته طويلة، أجاب الأسير: "مش ضروري تعرف".

وأوضح أن التدريب الذي كان يقوم به الشيخ حبلص لمجموعته كان خوفاً من دخول الجيش السوري إلى شمال لبنان، لافتاً أن أغلب المشايخ الذين كانت لديهم حالات خاصة كانوا يقومون بذلك، مشدداً على أن الشيخ حبلص لم يكن لديه توجه للدخول في مواجهة مع الجيش، قائلاً: "علمتُ أن من قام بذلك هم عناصرمن داعش".

الرفاعي: لم أكن قادراً على الرفض

من جانبه، كشف الرفاعي، لدى إستجوابه في الجلسة نفسها، أنه تلقى إتصالا من علي الشريف لتركيب كاميرات، لكن بعد ذلك طلب منه نقل الأسير إلى منزله لحوالي الساعتين فقط، على أن تأتي سيارة بعد ذلك لنقله إلى مكان آخر، قائلاً: "لم أكن قادراً على الرفض عندها".

وأوضح أنه بعد أن أصبح الأسير في منزله حاول الإتصال بأكثر من شخص لنقله إلى مكان آخر لكن لم ينجح في ذلك، لافتاً إلى أنه في اليوم التالي أبلغه بأنه لا يستطيع البقاء عنده، نافياً أن يكون هو من نسق عملية نقله إلى طرابلس، لكنه أشار إلى أنه هو من تولى نقله برفقة شقيقه أمجد إلى المدينة، وبعد ذلك قام بنقل أولاده إلى قصر موسى، ومن ثم جاء أحد الأشخاص وتسلمهم منه.

الأسير: اللواء إبراهيم ضربني

خلال إستجواب الأسير، أشار إلى أنه لدى التحقيق معه من قبل الأمن العام وقع 4 مرات على أقواله، وتلقى وعداً بأن يحصل على نسخة منها لكن ذلك لم يحصل، متحدثاً عن تعرضه للضرب والإهانة، قائلاً: "المحقق يقول لي كنت تقول ما بدك تخلي رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​ وأمين عام ​حزب الله​ ​السيد حسن نصرالله​ يناموا الليل شوف مين ما عم ينام الليل".

وأضاف: "ضربوني حقنة لا أعرف إن كانت هي التي سببت لي حالة من الهذيان أم قلة النوم هي التي كانت وراء ذلك"، كاشفاً أنه عندما حضر مدير عام الأمن العام ​اللواء عباس إبراهيم​ سأل الضباط عما إذا كانوا قد تعرضوا له بالضرب، فأجابوه: "على الخفيف"، لافتاً إلى أنه عندما أبلغ اللواء إبراهيم بتعرضه للضرب أقدم الأخير على ضربه على رأسه، وقال له: "حتى تتعلم تسب الأوادم".

وفي ختام الجلسة، التي تم تأجيلها إلى 13- 3- 2018، طلب وكيل الدفاع عن الأسير المحامي ​أنطوان نعمة​ الإستماع إلى اللواء إبراهيم وإلى المحقق العدلي العسكري لدى مخابرات الجيش والمحقق الذي ضبط أقواله لدى الأمن العام، إلا أن المحكمة ردت الطلبات وطلبت إستدعاء الشيخ حبلص لسماع إفادته.

تجدر الإشارة إلى أنه في الملف الآخر تم إستجواب كل من محمد زياد النقوزي ومصعب قدورة وعمر زكور وعبدالله بلباسي، وقد تم تأجيل الجلسة أيضاً إلى 13-3-2018 لاستكمال إستجواب باقي الموقوفين.